المسألة الثانية : في امتناع تعدد المكان الطبيعي للبسيط (١)
احتج الأوائل على ذلك بوجوه :
الوجه الأوّل : لو كان لجسم بسيط مكانان طبيعيان ، فإذا حصل في أحدهما ، فإن لم يطلب الثاني كان المكان الطبيعي متروكا بالطبع ، فلا يكون طبيعيا ، وإن طلبه بالخروج من الأوّل كان الطبيعي أيضا متروكا بالطبع ، فلا يكون طبيعيا (٢).
الوجه الثاني : لو كان خارجا عنهما وتساوت نسبته إليهما ، فإن لم يطلب أحدهما مع انتفاء العائق كان الطبيعي متروكا بالطبع ، وإن طلبهما معا وتوجه إليهما معا كان حاصلا في مكانين ، وهو محال ، وإن توجه إلى أحدهما أو طلبه خاصة كان ترجيحا من غير مرجح.
الوجه الثالث : البسيط له طبيعة واحدة ، فلا يقتضي أمرين متعاندين ، والحصول في حيّز ينافي الحصول في حيّز آخر ، فلا تقتضيهما الطبيعة الواحدة.
والاعتراض : أنّ في هذه الوجوه نظرا ، لأنّها منقوضة بجزئيات كلّ عنصر فإنّ مكان كلّ جزء من أجزاء ذلك العنصر مكان طبيعي لكل جزء ، مع ورود هذه الوجوه فيه. وأيضا إذا حصل في أحد المكانين لم يطلب الثاني ، لامتناع حصوله في مكانين دفعة ، ولا يكون ذلك الترك طبيعيا ، بل اتفاقيا حيث اتفق حصوله في الآخر. وإذا خرج عنهما لم يطلب أحدهما مع تساوي النسبة ، لأنّ تساوي النسبة أمر خارجي فاشبه القسري ، والثالث نفس المتنازع.
__________________
(١) راجع الفصل الحادي عشر من المقالة الرابعة من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء ؛ شرح الاشارات ٢ : ٢٠١ ـ ٢٠٣ ؛ طبيعيات النجاة : ١٣٦ ؛ المباحث المشرقية ٢ : ٧٢ ؛ المواقف : ١٩٩.
(٢) انظر الوجه في كلمات الطوسي حيث قال : «فلو تعدّد انتفى» كشف المراد : ١٥١.