جميع الجهات ؛ لأنه حينئذ يكون إعداما للمخروق ، بل إنّما يكون في جهة دون جهة ، ولا أولوية هنا.
ب : يلزم وقوع الخلاء في الوسط ، فإذن النار تبقى في الوسط قسرا مستندا إلى الطبع.
المسألة الخامسة : في أنّ لكل جسم شكلا طبيعيا ، وأنّ شكل البسيط الكرة (١)
قد ثبت فيما سبق وجوب تناهي الأبعاد ، ومعلوم بالضرورة أنّ كلّ مقدار متناه فإنّه مشكّل ؛ لأنّه لا بدّ وأن يحيط به حدّ واحد فيكون كرة ، أو حدود مختلفة فيكون مثلثا أو مربعا أو غيرهما من أشكال المضلعات.
وفيه نظر ، لأنّ الشكل إنّما يثبت للجسم بواسطة التناهي بالضرورة ، والتناهي ليس مستندا إلى ذات الجسم وحقيقته ، وإلّا لما تصوّر جسم غير متناه ، فكيف يكون الشكل التابع له طبيعيا للجسم.
وأمّا أن شكل البسيط الكرة ، فلأنّ البسيط هو الذي له قوة واحدة ، والقوة الواحدة لا تفعل في المادة الواحدة إلّا فعلا واحدا ، ولا شكل هو واحد سوى الكرة ؛ لأنّ ما عداها فيه أفعال مختلفة مثل كون بعضها خطا ، وبعضها زاوية ، وبعضها نقطة ، فلا يصدر ذلك كلّه عن الطبيعة الواحدة.
واعترض عليه بوجوه :
الوجه الأوّل : من البسائط ما ليس شكله الكرة كالأرض ، فإنّا نشاهد فيها الجبال والأغوار والأنجاد.
__________________
(١) انظر طبيعيات الشفاء ، الفصل الحادي عشر من المقالة الرابعة من الفن الأوّل ؛ وطبيعيات النجاة : ١٣٥ ؛ شرح الاشارات ٢ : ٢٠٣ وما يليها ؛ المباحث المشرقية ٢ : ٧٤ ـ ٧٧.