يقصد بحركته تحصيل الكيفية التي قصدها ، لا الحصول فيها. وأيضا لو كانت الجهة تحصل بالحركة لكانت من ذوات الأوضاع ، موجودة غير منقسمة ، وهو المطلوب. والحق في الجواب هو الأوّل (١).
المسألة الثالثة : في عدد الجهات
وهنا رأيان : مشهوري وحقيقي. فالمشهوري أنّ الجهات ست ، وله سببان رأي عامي، واعتبار خاصي (٢).
أمّا العامي : فهو أنّ الإنسان يحيط به جنبان عليهما اليدان ، وظهر وبطن ورأس وقدم. فالجهة القويّة التي منها ابتداء الحركة يسمّونها اليمين ، وما يقابله يسمّونها اليسار ، والجهة التي تلي رأس الإنسان الفوق ، ويقابله الأسفل (٣) ، وفي سائر الحيوانات الفوق ما يلي ظهورها ، والتحت (٤) مقابله ، والجهة التي تلي حاسّة الإبصار ، وإليه حركاتها بالطبع تسمّى القدّام ، والخلف ما يقابله. و [لمّا] لم يكن عندهم جهة غير هذه ، فجعلوا في الإنسان طوله من رأسه إلى قدمه ، وعرضه من يمينه إلى يساره ، وعمقه من قدامه إلى خلفه، وحيث لم تكن الأسماء إلّا لهذه ، وقفت الأوهام على هذا المبلغ.
وأمّا الاعتبار الخاصيّ : فهو أنّ كلّ جسم له أبعاد ثلاثة متقاطعة على زوايا
__________________
(١) وعبّر عنه الشيخ ب «الحقّ هو الفرق» ؛ لأنّ الجواب الثاني جدلي كما قال الطوسي.
(٢) قال الشيخ : «وأمّا السبب في اشتهار هذه المقدمة وهو أنّ لكلّ جسم ستّ جهات ، فأمران أحدهما رأي عامي والآخر اعتبار خاصي الخ» طبيعيات الشفاء ، الفصل الثالث عشر من المقالة الثالثة من الفن الأوّل.
(٣) وهي الجهة التي تلي قدمه.
(٤) وهي الجهة التي تلي بطنه وقدمه.