الحاصل فيه أقوى. وإن تفاوتت المنفعلات في القوام فالأقوى قواما إن انفعل أسرع ، ففيه ما يقتضي تلك الكيفية ، بل هو أولى من المساوي. وأمّا الأضعف فلا يدل سرعة انفعاله على شيء ؛ لاحتمال أن يكون ذلك لأجل ضعف قوامه.
وتارة بالاشتعال والجمود ، فإنّ المتماثلين في القوام إذا عرضا على فاعلين متساويين في القوة ، فالأسرع جمودا أبرد ، والأسرع اشتعالا أحر ، وإن اختلفا قواما فإن كان المتكاثف أشد اشتعالا فهو أسخن ؛ وإن كان المتخلخل (١) ، فلا دلالة لجواز استناد السخونة إلى رقة القوام.
المسألة الرابعة : في خواص الحرارة والبرودة
للحرارة خواص أربعة :
أوليها : من شأن الحرارة إفادة الميل المصعّد وبواسطته التحريك. ولمّا اختلفت المركبات في اللطافة والكثافة ، وكلّ ما كان ألطف كان أقبل للخفة من الحرارة ، فإنّ الهواء أسرع قبولا لذلك من الماء الذي هو أسرع فيه من الأرض ، لا جرم إذا عملت الحرارة في المركب بادر الأقبل منها للتصعيد قبل الأبطأ فيعرض تفرق المختلفات ، فتجتمع المتجانسات بمقتضى طبائعها ؛ لأنّ الجنسية علّة الضم (٢).
ثانيتها : تسويد الرطب وتبيض اليابس ، وإنّما تفعل الحرارة في الرطب سوادا ، لا صعادها للأجزاء المشفة (٣) وتحليلها للرطوبات ، فخلصت الأجزاء
__________________
(١) العبارة كذا في النسخ ، والظاهر أنّ فيها سقطا.
(٢) راجع المباحث المشرقية ١ : ٣٨٣.
(٣) المشف : جرم ليس له في ذاته لون ، ومن شأنه أن يرى بتوسّطه لون ما وراءه (رسالة الحدود لابن سينا : ٣٧).