الكثيفة ، كما تفعل في الحطب والأشربة المحترقة ، وفي بشرة الإنسان إذا لاقتها الشمس كثيرا وتفعل في اليابس بياضا لتفريق أجزائها واخراج ما يقبل الإصعاد منها وتكثير سطوح الأجزاء الباقية منها القابلة لانعكاس النور من بعضها إلى بعض ، كما تفعل في الأملاح والأسباخ ، وفي الفحم أجزاء رمادية. وقد يظن أنّ بياض الجص منه لا من مداخلة الهواء ، وإلّا بلغ السحق والتصويل (١) بحجر الجص إلى ذلك البياض. والبرودة بالعكس منها.
ثالثتها : إفادة القوام كما في بياض البيض.
رابعتها : أنّها تحدث بالحركة ، للتجربة.
وأنكره أبو البركات ، لأنّ العناصر الثلاثة في وسط الأثير والأفلاك كالقطرة في البحر المحيط ، فلو كانت الحركة مسخّنة لأثّرت الحركات السريعة التي في الأفلاك مع الأثير في تسخين هذه العناصر الثلاثة ، حتى كان يصير الكل نارا (٢).
وهو ضعيف ؛ لأنّ الأجرام الفلكية وإن كانت متحركة لكنّها غير قابلة للسخونة ، والشيء كما يعتبر في حصوله الفاعل يعتبر فيه أيضا القابل ، فلا يلزم من حصول الحركة في الأجرام العلوية كونها متسخنة. وأيضا فإنّ مقعر الفلك ومحدب النار سطحان أملسان (٣) ، فلا يلزم من حركة أحد السطحين حركة الآخر ، فإذن أجرام الأفلاك غير متسخّنة حتى يلزم من سخونتها سخونة العناصر. ولا يلزم أيضا من حركاتها حركات هذه العناصر ، حتى يلزم من حركاتها سخونتها. فإذن لا يلزم من حركة الأفلاك مع عظمها وسرعتها ، سخونة هذه العناصر على صغرها.
__________________
(١) صوّله أي نقاه وأخرج ما فيه من تراب.
(٢) راجع شرح المواقف ٥ : ١٨٠.
(٣) الأملس : هو جرم سطحه ينقسم إلى أجزاء متساوية الوضع (رسالة الحدود لابن سينا : ٣٦).