بحيث لا يتمكن أحدهما من الحركة ، فقد وجد الميل دون الطبيعة المحركة ولأنّ الجسم في حيّزه الطبيعي يكون عديم الميل ؛ لأنّه لا يميل عنه ـ وإلّا لكان الطبيعي متروكا بالطبع ـ ولا إليه ـ لأنّه موجود فيه ـ مع أنّ طبيعته موجودة ، فتكون الطبيعة مغايرة للميل. ولأنّ الطبيعة جوهر ، فلا تكون قابلة للشدّة والضعف ، والمدافعة تقبل الشدة والضعف ، فتغايرا.
المسألة الثانية : في أنّ الميل هل هو نفس هذه المدافعة أو علّتها (١)
فيه خلاف بين الأوائل ، فقال بعضهم إنّهما متغايران ؛ لأنّ الحلقة التي يجذبها جاذبان متساويان تقف في الوسط ، فكلّ واحد منهما قد فعل فعلا معوّقا لفعل الآخر ، وليس ذلك هو المدافعة ؛ لأنّها ليست موجودة البتة ، ولا قوة الجاذب الآخر ، لأنّها لا تستند إليه ، ولأنّه إن لم يفعل في المجذوب فعلا لم يصر مجرد قوته عائقا لأن يفعل فيه غيره فعلا ، فإذن قد فعل كلّ منهما فعلا غير المدافعة. ولا شك أنّ الذي فعله كلّ منهما لو خلا عن المعارض لاقتضى انجذاب الحلقة إليه ، فثبت وجود شيء لو خلا عن المعاوق لاقتضى الدفع إلى جهة مخصوصة ، وليس نفس الطبيعة ؛ لأنّها تحرك إمّا إلى فوق أو إلى أسفل ، والذي فعله المتجاذبان غير ذلك. فإذن هذه المدافعة لها علة غير الطبيعة وغير القوة النفسانية.
المسألة الثالثة : في تعريفهما
قال في الحدود : الثقل «قوة طبيعية يتحرك بها الجسم إلى الوسط بالطبع»
__________________
(١) يفهم من تعريف الشيخ للاعتماد في «الحدود» علّيته للمدافعة حيث قال : «الاعتماد والميل : هو كيفية يكون بها الجسم مدافعا لما يمنعه عن الحركة إلى جهة ما».