طباع المتحرّك ـ إمّا أن تحدثه الطبيعة ، كميل الحجر عند هبوطه ، أو النفس كميل النبات عند بروزه من الأرض ، والحيوان عند اندفاعه الإراديّ ـ أو يحدثه القاسر الخارج من الجسم كميل السهم عند انفصاله عن القوس (١).
وفيه نظر ، فإنّا نقول : إن كانت الطبيعة في اقتضائها للحركة القابلة للشدة والضعف مفتقرة إلى توسط لثباتها وعدم ثبات الحركة باعتبار قبولها للشدة والضعف ، نقلنا الكلام إلى ذلك المتوسط ، فإنّه إن كان قابلا للشدة والضعف امتنع صدوره عن الطبيعة الثابتة ، وإن لم يكن قابلا للشدة والضعف امتنع صدور الحركة عنه.
المسألة الخامسة : في أقسام الميل (٢)
لما كان الميل مبدأ قريبا للحركة انقسم بانقسامها. ولمّا انقسمت الحركة إلى الطبيعية والإرادية والقسرية ، وأيضا إلى المستقيمة والمستديرة ، وكذلك باقي أقسامها ، انقسم الميل أيضا إلى تلك الأقسام. فالطبيعي منه ما تحدثه الطبيعة ، والإرادي منه ما تحدثه النفس ، والقسري ما يحدثه القاسر. والميل المستقيم ما تقتضي الحركة المستقيمة ، والمستدير ما تقتضي المستديرة. وكما وجد في الحركة تضاد ، كذا يوجد فيه تضاد أيضا. وكما أمكن تركّب الحركات ، كذا أمكن تركب الميول.
واعلم أنّ الأجسام تختلف في قبول الميل والامتناع عن ذلك بحسب الأمور الذاتية وغيرها. فالاختلاف الذاتي هو الذي يكون بحسب قوة الميل الطباعي وضعفه ، وهو أن يكون الأقوى بحسب الطباع ـ كالحجر العظيم ـ أكثر امتناعا
__________________
(١) شرح الإشارات ٢ : ٢٠٨ ـ ٢١٠ و ٢١٢.
(٢) انظر الأقسام في المباحث المشرقية ١ : ٣٩٩ ـ ٤٠٠ ؛ شرح الاشارات ٢ : ٢١٢.