أحدهما : الذي في طباعه أن يتحرك في أكثر المسافات الممتدة بين المركز والمحيط حركة إلى المحيط لكنّه لا يبلغ المحيط.
وقد يعرض له أن يتحرك عن المحيط ، ولا يكون تانك الحركتان متضادتين خلافا لبعضهم ؛ لأنّهما تنتهيان إلى نهاية واحدة ، وهذا مثل الهواء ، فإنّه يرسب في النار ويطفو على الماء.
والثاني : الذي إذا قيس إلى النار نفسها كانت النار سابقة إلى المحيط ، فهو عند المحيط ثقيل وخفيف بالإضافة. وهذا الوجه يقرب من الأوّل وليس به ، فبهذا الاعتبار يشارك النار ، لكنّه يتخلف عنه ، وبالاعتبار الأوّل (١) لا يريد من المحيط ما تريده النار.
المسألة السادسة :
الميل الطبيعي لا يوجد في الجسم عند كونه في الحيّز الطبيعي (٢) ، لأنّ الميل هو المدافعة ، والمدافعة تلزمه الحركة لو لا المانع ، فلو كان في الجسم الحاصل في حيّزه الطبيعي مدافعة لوجب تحركه عند لو لا المانع ، وهو محال إن كانت المدافعة عنه ، وإلّا لكان المطلوب بالطبع متروكا بالطبع ، وهو محال. وإن كانت إليه فهو محال ؛ لأنّه حاصل فيه ، فلو طلبه لكان طالبا لتحصيل الحاصل ، وهو محال.
__________________
(١) م : «الثاني».
(٢) قال الشيخ في الفصل الأوّل من الفن الثاني من طبيعيات الشفاء : «قد سلف منّا اثباته بالوجه البرهاني» ، واعترض عليه الرازي بأنّه لا حجة اقناعية عليه فضلا عن البرهانية ، ثمّ يستدل على أصل المسألة بما نقله العلّامة (المباحث المشرقية ١ : ٤٠٠) واعترض صدر المتألّهين على الرازي بأنّه في الوضوح بمنزلة لا يحتاج إلى البرهان. (الأسفار ٤ : ٧٨).