لا يقال : الثقيل يمتنع خلوه عن هذه المدافعة على ما ذكرتموه ، لاستحالة حصوله في حقيقة المركز ، بل يكون أبدا خارجا عنه فتكون المدافعة بالفعل حاصلة.
لأنّا نقول : قد بيّنا أنّ المطلوب للثقيل انطباق مركز ثقله على مركز العالم. ثمّ ذلك الثقيل إن كان ذا أجزاء بالفعل كان لكلّ منها حظ من الثقل لا محالة فيكون كلّ واحد من أجزائه طالبا للحالة المذكورة ، فلا يكون الواجد لهذه الحالة إلّا جزءا واحدا من تلك الأجزاء ، فيكون في كلّ جزء غيره مدافعة موجودة بالفعل. وإن كان عديم الأجزاء ، فإذا انطبق مركز ثقله على مركز العالم فذلك الجسم حينئذ لا توجد فيه المدافعة ؛ لأنّها لو وجدت لكانت إمّا في كلّ ذلك الجسم أو في أجزائه ، والأوّل محال ؛ لأنّ كلّيته طالبة لتلك الحالة فيستحيل أن يوجد فيها طلب الخروج عنها. والثاني محال ؛ لأنّا قد فرضناه عديم الجزء ، وإذا لم يكن له جزء لم يثبت لجزئه ميل ، فثبت خلو الجسم حينئذ عن الميل.
والحجر المفصول عن الأرض يحسّ بثقله ، لا لأنّه ليس في مركز العالم ، بل لأنّه لا ينطبق مركزه على مركز العالم ، فإذا اتصل بالأرض بالفعل صار مكانه الطبيعي جزء مكان الأرض.
المسألة السابعة (١) :
قد جرى للشيخ اضطراب كلام في الشفاء في اجتماع الميلين ، فتارة جوّز وتارة منع. فقال في بيان وجوب السكون بين الحركتين المتضادتين : «ولا تصغ إلى قول من يقول إنّ الميلين يجتمعان ، فكيف يمكن أن يكون شيء فيه بالفعل مدافعة إلى جهة ، وفيه بالفعل التنحّي عنها ، ولا تظن أنّ الحجر المرمي إلى فوق فيه ميل إلى
__________________
(١) راجع المباحث المشرقية ١ : ٤٠١ ـ ٤٠٢.