والأضعف مخالف لغيره من تلك المراتب ـ أضعف منه أو أشد ـ مخالفة نوعية ، فجاز أن تقتضي الطبيعة نوعا من تلك المراتب ، ولا تقتضي باقي الأنواع ، وظاهر أنّه كذلك ، لأنّ تلك الأنواع متضادة متعاندة ؛ لدخولها تحت جنس آخر ، مع قبولها الشدة والضعف. والطبيعة الواحدة بالشخص يستحيل أن يتعدد مقتضاها بالشخص ، فضلا عن تعدده بالنوع ، فلا يلزم أن تقتضي أقصى الممكن وهو الطرف.
لكنّا نحن نقول : هذا الفرض الذي ذكرتموه غير ممكن عندكم ؛ لأنّ تلك الحركة إذا خلت عن الموانع الخارجية والداخلية فوجب أن تقع لا في زمان ، وإلّا لو وجدت في زمان أمكن فرض وقوع تلك الحركة من تلك العلّة أو من غيرها في نصف ذلك الزمان ، فيكون هذا أسرع ممّا فرض أنّه البالغ إلى النهاية في السرعة ، وهو محال. ووقوع الحركة لا في زمان منقسم محال عندكم.
أمّا إذا كان الجسم معارضا بما يدفعه مثل الحجر الهاوي ، فإنّ الهواء يقاومه ، ويحصل له باعتبار تلك المقاومة فتور وبطء ، فأمكن أن يحصل مع ذلك الميل الطبيعي ميل آخر غريب ، وتكون الحركة عند ذلك أسرع ممّا توجد عن الميل الطبيعي وحده ، كما إذا دفعنا الحجر الهابط دفعا قويا ، فإنّ حركته تكون أسرع ممّا لو تحرك بطبيعته لا غير.
المسألة التاسعة : في إثبات الميل (١)
اعلم أنّ الجسم القابل للحركة القسرية لا يخلو عن مبدأ ميل بالطبع. وبالجملة فإنّ الجسم الخالي عن الميل لا يمكن أن يتحرك بالقسر ؛ لأنّ الجسم إذا
__________________
(١) انظر البحث في شرح الاشارات ٢ : ٢١٦ وما يليها.