بالعائق. والخارج اختلاف رقة ما يتحرّك فيه ـ كالهواء والماء ـ وغلظه الحاصلين في مسافة المتحرك المعاوقين له عن الحركة أو شدتها. وغير الخارج فإنّه لا يمكن أن يعاوق الحركة الطبيعية، لأنّ ذات الشيء لا يمكن أن تقتضي شيئا ويقتضي ما يعوقه عن اقتضائه ذلك ، بل إنّما يتصور المعاوقة هنا في الحركة القسرية ، وهو إمّا الطبيعة أو هو النفس اللتان هما مبدءا الميل الطباعي ، فإذن يلزم من ارتفاع هذين المعاوقين ، أعني : الخارجي والداخلي ، ارتفاع السرعة والبطء من الحركة ، ويلزم منه انتفاء الحركة.
ولهذا استدل الحكماء بأحوال هاتين الحركتين تارة على امتناع عدم معاوق خارجي ، فبيّنوا امتناع وجود الخلاء ، وتارة على وجوب وجود معاوق داخلي فاثبتوا مبدأ ميل طبيعي في الأجسام التي يجوز أن تتحرك قسرا.
ووجه الاستدلال في المسألتين واحد ، وهو أنّ اختلاف المعاوقة لمّا كان مقتضيا (١) لاختلاف السرعة والبطء كانت المعاوقة القليلة بإزاء السرعة والكثيرة بإزاء البطء. وكانت نسبة المعاوقة إلى المعاوقة في القلة والكثرة ، كنسبة المسافة إلى المسافة فيهما على التكافؤ ، أعني : القلة في إحداهما بإزاء الكثرة في الأخرى ، وكنسبة الزمان إلى الزمان على التساوي ، أعني القلة بإزاء القلة والكثرة بإزاء الكثرة.
وإذا ثبت هذا فلنفرض متحركا عديم المعاوقة يقطع مسافة ما في زمان ، وآخر مع معاوقة ما يقطعها ، ويكون لا محالة في زمان أكثر ، وثالثا مع معاوقة أقل من الأوّل على نسبة الزمانين ، فإنّه يقطعها في زمان مساو لزمان عديم المعاوقة ، ويلزم من ذلك الخلف ، لتساوي وجود المعاوقة وعدمها. وقد تقدم الاستدلال بهذا في الخلاء وإثبات الميل معا مفصلا.
__________________
(١) في النسخ : «كانت مقتضية» ، أصلحناها طبقا للمعنى وعبارة الطوسي.