وهنا أمور أخر راجعة إليها كالترتيب الداخل تحت الوضع ، والكتابة وغيرها من النقوش الداخلة تحت الترتيب والشكل. وكالاستقامة والانحناء ، والتحدّب والتقعّر التي هي من الشكل. والكثرة والقلة الداخلتين في العدد بوجه ما ، والتساوي والتفاضل الداخلين تحت التشابه ، والضحك والبكاء الداخلين تحت الشكل والحركة ، والبشر والطلاقة والعبوس والتقطيب الداخلة تحت الشكل والسكون ، وكالرطوبة واليبوسة ، فإنّ البصر (١) إنّما يدرك الرطوبة من السيلان واليبس من التماسك. وليس إذا لم يكن الشيء مبصرا إلّا بشرط إبصار غيره لا يكون مبصرا ، نعم لا يكون مبصرا بانفراده. وعند هذا يظهر أنّ كلّ ما يقال له محسوس ، فإمّا أن يكون بحيث يحصل منه عند الحس أثر أو لا يحصل ، فإن لم يحصل فهو المحسوس بالعرض.
المسألة الثانية : في أحكام المبصرات الحقيقية (٢)
وهي :
أوّلا : قد عرفت أنّ المبصر بالذات الأوّل هو الضوء واللون (٣) ، وهل يرى الواحد منهما منفردا؟
فيه نظر ، أقربه العدم.
ثانيا : لا شك أنّ بعض هذه المبصرات متميّز عن بعض ، إمّا في الجنس كالضوء واللون ، أو في النوع كالسواد والبياض ، أو في الشدة والضعف كبياض الثلج والعاج. وهذا التميز يدرك بالقوة العقليّة لا بالحس.
__________________
(١) م : «المبصر».
(٢) م وس : «الحقيقة وأحكامها».
(٣) وهما المسمّيان بأوائل المبصرات.