الأوائل وأبي بكر بن الإخشيد (١).
واعلم أنّ بعض الألوان قد يمازجه ضوء ، وبعضها يمازجه ظلمة ، فيحصل في الأوّل صفاء وإشراق ، وفي الثاني قتورة وظلمة. فالارجوانية والفيروزية والخضرة الناصعة ، ألوان مشرقة وقريبة من طباع الضوء ، ولذلك تنعكس إلى غيرها كالأضواء.
والغبرة والكرّاثية والعودية والسواد وشبهها ألوان مظلمة ، ولهذا لا تنعكس إلى غيرها.
المسألة الخامسة : في أنّ الضوء ليس شرطا في وجود اللون
ذهب الرئيس هنا (٢) مذهبا غريبا عجيبا ، وهو أنّ اللون لا يوجد في الجسم حال كونه مظلما ، فشرط في وجود اللون ـ لا في رؤيته خاصة ـ وجود الضوء.
واحتج عليه بأنّ ألوان الأجسام في الظلمة ليست مرئية ، فعدم رؤيتها إمّا أن يكون لعدمها في نفسها ، أو لأجل أنّ الهواء المظلم عائق عن الإبصار ، والثاني باطل ، لأنّ الهواء المظلم ليس فيه كيفية عائقة عن الإبصار والظلمة فيه ، فإنّك إذا
__________________
(١) هو أحمد بن علي بن بيغجور أبو بكر بن الإخشيد (٢٧٠ ـ ٣٢٦ ه) متكلم على مذهب المعتزلة وشافعي الفروع انتهت إليه رئاسة المعتزلة في زمانه ، له مصنّفات «الإجماع» و «اختصار تفسير الطبري» وغيرهما ، مات في بغداد وعمره ست وخمسون سنة. ويستفاد من كتب المعاجم والتراجم تغييرات متعددة للفظ الإخشيد وهي : ١ ـ آق شيد ومعناه «شمس بيضاء» بالتركية ٢ ـ آخشيد ٣ ـ أخشيد ٤ ـ إخشيد ، وهذا اللقب وضع لملوك منطقة فرغانة الواقعة في سواحل بحر الخزر من جمهوريات ازبكستان ، قرغيزستان وتاجيكستان.
راجع طبقات المعتزلة ، وفيات الأعيان ٥ : ٣٥٦ ؛ تاج العروس ٢ : ٣٤٣ ؛ لسان الميزان ١ : ٣٢١.
(٢) نفس الشفاء ، الفصل الأوّل من المقالة الثالثة ، وهذا مذهب بهمنيار أيضا في التحصيل : ٦٩٠ و ٧٥٨.