تذنيب (١) : هنا ضوء ولمعان ونور وشعاع وبريق ، وكأنّها شيء واحد لكنّها تختلف باختلاف الاعتبار والشدة والضعف. فالضوء هو الكيفية المنبسطة المشاهدة على الأجسام ، فإنّ الأجسام الملونة إذا صارت ظاهرة بالفعل مستنيرة فإنّ ذلك الظهور وهو الكيفية المنبسطة عليها مشاهد مغاير للسواد والبياض وغيرهما من الألوان.
واللمعان هو الذي يترقرق على الأجسام ويستر (٢) لونها ، وكأنّه شيء يفيض عنها. وكلّ واحد من هذين القسمين ، إمّا أن يكون له من ذاته ، أو من غيره ، فالظهور الذاتي هو المسمى بالضوء ، كما للشمس والنار. والظهور الذي من الغير يسمى «نورا» (٣). والترقرق الذي للشيء من ذاته كما للشمس يسمى «شعاعا» (٤). والذي للشيء من غيره، كما للمرآة يسمى «بريقا» (٥).
المسألة الرابعة : في أنّ المضيء لا يضيء إلّا المقابل
إذا كان المتوسط بين المضيء والمقابل متشابه الشفيف ، وإضاءة المضيء لا بالانعكاس ، فإنّه لا يضيء إلّا المقابل ، فإنّ ضوء الشمس إذا دخل من ثقب في
__________________
(١) راجع الفصل الأوّل من المقالة الثالثة من نفس الشفاء ؛ شرح المقاصد ٢ : ٢٦١ و ٢٦٥.
(٢) كذا في الشفاء ، وفي المباحث المشرقية : ١ / ٤١٤ «يستنير» وهو تصحيف.
(٣) وهذا مستفاد من الآية الكريمة : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً) يونس : ٥. وقد اجتمع «الشعاع» و «الضوء» الذاتيان في الفقرة الشريفة من دعاء الصباح لمولى الموحّدين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام وهي : «وشعشع ضياء الشمس بنور تأجّجه» راجع مفاتيح الجنان للشيخ عباس القمّي.
(٤) شعاع : في الفيزياء حزمة دقيقة من الضوء ، أو اشعاع آخر ينتقل في الفضاء في خط مستقيم من مصدر الضوء. الموسوعة العربية الميسّرة : ١٠٨٥.
(٥) ونسبة البريق إلى الشعاع نسبة النور إلى الضوء في أنّ الشعاع والضوء ذاتيان للجسم ، والبريق والنور مستفادان من غيره. شرح المواقف ٥ : ٢٥٦.