بالضوء ، بل بقي على حاله في الليل ، ولمّا لم يكن كذلك علمنا تكيّف الهواء بالضوء في النهار فمنع من رؤية الكواكب ؛ لأنّ الحس لا يشاهد الضعف حال وجود الضوء القوي.
وأمّا الثاني فلأنّا نجد ضوء الشمس إذا أشرق على بعض الجدران ، وكان مقابل ذلك الجدار وبالقرب منه مكان مظلم ، فإنّ ذلك المكان يضيء بعد أن كان مظلما ، ولو كان لذلك المكان المظلم باب ، وكان مقابل الباب داخل ذلك البيت جدار ، فإنّ ذلك الجدار يكون أشدّ إضاءة من بقية البيت. ثمّ إذا زالت الشمس وزال ضوؤها المشرق على ذلك الجدار عاد الموضع مظلما ، فعلمنا أنّ المستضيء من غيره قد يضيء شيئا ثالثا.
المسألة السادسة : في أنّ حصول الضوء الثاني من الهواء المضيء ليس على سبيل الانعكاس
اعلم أنّ المضيء لغيره (١) قد يضيء غيره على سبيل الانعكاس ، كالمرآة الصقيلة إذا وقع عليها الضوء ، فإنّها تضيء غيرها ممّا يقابلها بأن ينعكس الضوء الأوّل منها إلى المقابل.
وقد يكون لا على سبيل الانعكاس ، كالضوء الثاني المفروض على وجه الأرض وفي أفنية البيوت الحاصل من الهواء المستضيء بمقابلة الشمس ، لأنّ هذا الضوء لو كان على سبيل الانعكاس من الهواء إلى وجه الأرض لما كانت أجزاء ذلك الجو كلّها مضيئة ، كما في المرآة ، فإنّها لمّا أضاءت بالانعكاس لم يكن جميع سطحها مضيئا ، إذ الانعكاس إنّما يكون عن السطح الصقيل ، وعود الضوء منه إلى ما ينعكس إليه ، فلا ينفذ في عمق الجسم ذي السطح الصقيل ، لكن الاعتبار دلّ على أنّ جميع الضوء المضيء مضيء في نفسه ، ويضيء كلّ ما يقابله.
__________________
(١) ق : «بغيره».