يمكن تمديده.
سلّمنا ، لكن لا يلزم من امتناع بقاء الحروف امتناع بقاء الصوت لأنّهما متغايران.
المسألة السادسة : في إثبات الصوت في الخارج
قال الشيخ (١) : لمعتقد أن يعتقد أنّ الصوت لا وجود له في الخارج ، بل إنّما يحدث في الحس من ملامسة الهواء المتموّج. ثمّ احتج على بطلانه ، بأنّا إذا سمعنا صوتا وأدركناه أدركنا معه جهته ، ومعلوم أنّ الجهة لا يبقى لها أثر في التموّج عند بلوغه إلى الصماخ ، فكان يجب أن لا ندرك من الصوت جهته ، لأنّها من حيث جاءت دخلت بحركتها تجويف الصماخ ، فيدركها الصماخ هناك. ولا يتميز بين الجهات كما في اللمس ، فإنّ اليد تلمس ما تلقاه ولا تشعر به إلّا حيث يلمسه ، ولا تفرق بين وروده من جهة وجهة ؛ لأنّ اليد لا تدرك الملموس حين ما كان في أوّل المسافة ، بل حين انتهى إليها. ولمّا كان التمييز بين الجهات حاصلا ، وكان التمييز بين القريب والبعيد من الأصوات حاصلا أيضا ، علمنا أنّا ندرك الأصوات الخارجية حيث هي ، ولا ندركها حيث هي إلّا وهي موجودة خارج الصماخ.
لا يقال : إنّما ندرك الجهة لأنّ الهواء القارع إنّما توجه من تلك الجهة ، وإنّما نميّز بين القريب والبعيد لقوّة الأثر الحاصل من القريب وضعفه عن البعيد.
لأنّا نقول : إنّ المؤذن قد يكون على جهة اليمين من السامع مثلا ، ويسدّ
__________________
(١) في الخامس من ثانية نفس الشفاء ، وانظر البحث في التحصيل : ٧٥٤ ـ ٧٥٥.
ولا يقرّ العلماء اليوم رأي ابن سينا الذي يذهب إلى أنّ للصوت وجودا في الخارج. فليس في الخارج إلّا موجات هوائية. امّا الصوت فهو خبرة سيكولوجية تحدث في المركز السمعي في المخ حينما تؤثّر هذه الموجات الهوائية في أعضاء السمع الموجودة في الأذن الداخلية. راجع الإدراك الحسّي عند ابن سينا : ١١٠.