واحد وبالعكس ، فتكون نسبة الطول إلى الطول كنسبة النغمة إلى النغمة في الحدّة والثقل ، فتكون نغمة نصف الطول نصف نعمة الكل في الثقل ، فلأجل ذلك اختلفت الأصوات في الحدّة والثقل.
المسألة الثامنة : في الصّدى (١)
أ : الصدى عبارة عن «صوت يسمع عقيب صوت بزمان يسير جدا يحكيه بعينه»(٢). والسبب في حدوثه ، أنّ القارع أو القالع إذا فعلا قرعا أو قلعا حصل من أثرهما تموج الهواء بين القارع والمقروع ، فإذا قاوم ذلك التموّج شيء من الأجسام كجبل أو جدار أملس بحيث يردّ ذلك التموج ويصرفه إلى خلف ، ويكون شكله شكل الأوّل وعلى هيئته ، كما يلزم من الكرة المرمي بها إلى الحائط حين تنبو ، لزم أن يضطر الهواء إلى التموّج فيما بينهما ، وأن يرجع القهقرى فحينئذ يحدث من ذلك صوت هو الصدى.
واعلم أنّ الفاعل لهذا الصدى ليس هو الهواء المتموّج المتوجه إلى ما يقاومه أوّلا ثمّ الراجع ، بل هذا الهواء المتموّج أوّلا يموج هواء آخر بينه وبين ذلك المقاوم. فهذا الصدى يحدث من تموج الهواء الثاني المتموّج عن الهواء الأوّل ، لأنّ الهواء المتموج أوّلا إذا صدمه ذلك الجسم الكثيف لم يبق على ذلك الشكل المخصوص ، فبعد رجوعه لا يكون حاملا لذلك الصوت ، فوجب أن يكون حادثا عن تموج الهواء الثاني الراجع إلى مكان الأوّل حين ذهاب الأوّل إلى ذلك الجبل ، ولهذا يكون على صفته وهيئته.
__________________
(١) راجع كتاب النفس لارسطو : ٧٠ ؛ نفس المصدر من الشفاء ؛ التحصيل : ٧٥٥ ـ ٧٥٦ ؛ المباحث المشرقية ١ : ٤٢٢ ؛ شرح المواقف ٥ : ٢٦٧.
(٢) الصّدى : الصوت الذي يسمعه المصوّت عقيب صياحه راجعا إليه من الجبل والبناء المرتفع. لسان العرب ٧ : ٣١٣.