المسألة الثالثة : في أحكام الصوامت
وهي سبعة :
الأوّل : اعلم أنّ الحروف المستعملة في لغة العرب مشهورة معلومة وهي : حروف التهجّي. وهنا حروف أخر في لغات غيرها ليست مشهورة لوجودها في بعض اللغات ، حتى أنّ من ولد على غير تلك اللغة يعسر عليه النطق بها ، وحيث الأمر كذلك جاز أن تكون هنا حروف أخر لا نعرفها ، ولعل في المقدور حروفا أخر غير المستعملة في لغات أهل زماننا ، فلا دليل قاطع على حصر الحروف في عدد معين ، بل ولا على تناهيها ، فجاز أن تكون غير متناهية ، كما في الألوان ؛ لأنّ معروضها قابل للشدة والضعف ، وهي تختلف باختلافه فيهما ، ومراتب الشدة والضعف غير متناهية ، لكن لمّا لم ينطق بها ظن فيها التناهي من غير قطع. (١)
الثاني (٢) : الحروف الصامتة ، إمّا مختلفة أو متماثلة ، والمختلفة إمّا أن يكون اختلافها بالذات أو بالعرض. أمّا الاختلاف الذاتي فكالحاء والجيم والتاء والدال. وبالجملة فكل ما يختلف مخرجه فإنّ فيه اختلافا ذاتيا. وأمّا الاختلاف العرضي ، فذلك بأن يختلف الحرفان المتساويان في الماهية بأمور عارضة ، وهي بالاستقراء ثلاثة :
أ ـ أن يكون أحدهما متحركا والآخر ساكنا.
ب ـ أن يكونا متحركين ، لكن حركة أحدهما مخالفة لحركة الآخر ، كالضمة مع الفتحة أو الكسرة.
ج ـ أن يختلفا بالجهارة والخفوت. ومن ذهب إلى أنّ الاختلاف بالشدة والضعف اختلاف نوعي جعل هذا الاختلاف من قبيل ما يختلف فيه الحرفان
__________________
(١) وقد توقف الرازي في هذا الحكم. راجع نهاية العقول.
(٢) راجع شرح المواقف ٥ : ٢٧٣.