البحث الخامس : في الكيفيات المذوقة والمشمومة
وفيه مسائل :
المسألة الأولى : في الطعوم (١)
الجسم إمّا أن يكون عديم الطعم ، وهو التفه المسيخ (٢) ، أو يكون ذا طعم.
والأوّل إمّا أن يكون عادما للطعم حقيقة ، أو عادما له في الحس فقط وهو الذي يكون له في نفسه طعم ، إلّا أنّه لشدة تكاثفه لا يتحلل منه شيء يخالط اللسان فيدركه ، فإن احتيل في تحليل أجزائه وتلطيفها أحسّ بطعمه كالنحاس والحديد ، فإنّ اللسان لا يدرك منهما طعما لأنّه لا يتحلل من جرمهما شيء يصير إلى الرطوبة المبثوثة في اللسان التي هي واسطة في حس الذوق ، ولو احتيل في قسمته (٣) أجزاء صغارا لظهر له طعم قوي.
والثاني الذي يكون ذا طعم ، فإمّا أن يكون طعمه بسيطا أو مركبا ، وبسائط
__________________
(١) قارن الرابع من ثانية نفس الشفاء ؛ شرح الإشارات ٢ : ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ؛ المباحث المشرقية ١ : ٤٢٤ ـ ٤٢٦ ؛ شرح المواقف ٥ : ٢٧٦ وما يليها ؛ مناهج اليقين : ٦٥ ؛ كشف المراد : ٢٢٣ ؛ شرح المقاصد : ٢٨٦.
(٢) الأطعمة التّفهة : التي ليس لها طعم حلاوة أو حموضة أو مرارة ، ومنهم من يجعل الخبز واللحم منها. لسان العرب ٢ : ٣٩. والمسيخ من اللحم الذي لا طعم له ، ومن الطعام الذي لا ملح له ولا لون ولا طعم ، ومن الفاكهة ما لا طعم له. لسان العرب ١٣ : ١٠٢.
(٣) في المباحث المشرقية : «تصييره».