وهذا أولى من تقسيم بعضهم هذا النوع من الكيفيات إلى التهيؤ للدفع ، وهو القوّة ، أو التأثر وهو اللاقوة ، فإنّه ليس اسم القوة للدفع فقط ، فإنّ الصلابة قوّة ، وهي تهيؤ لأن لا ينفعل بسرعة ، والبطء لا قوّة ، وليس بمتأثّر عن شيء ، بل هو ما تقطع الحركة بسببه مسافة قليلة. فالقوة اسم لاستعداد بسببه يفعل الشيء بسهولة ، أو ينفعل بعسر ، واللاقوة اسم لاستعداد بسببه يفعل بعسر أو ينفعل بسهولة.
واعلم أنّا إذا أردنا قسمة الكيف إلى أنواعه الأربعة وإدخال هذه الأقسام الثلاثة تحت نوع واحد احتجنا إلى ذكر معنى محصل مشترك بين الثلاثة بحيث يجعل نوعا للكيف وجنسا للأقسام الثلاثة ، فنقول : إنّه المبدأ الجسماني الذي به يتم حدوث أمر حادث على أنّ حدوثه مرتجع به ، أو استعداد جسماني حامل (١) نحو أمر من خارج.
والأوّل أجود ، لأنّ الاستعداد إضافي فلا يكون نوعا للكيف (٢). وهذا الرسم يتناول الأقسام الثلاثة ، فإنّ الفاعل والمنفعل يشتركان في أنّ حدوث الحادث إنّما يتم بهما. ثمّ إنّ القوة على الانفعال يترجح بها حدوث ذلك الانفعال ، والقوة على المقاومة يترجح بها حدوث المقاومة ، والقوة على الفعل يترجح بها حدوث الفعل ، والأقسام الثلاثة مشتركة في أنّها مبادئ جسمانية لحوادث مترجحة بها.
ولا خلاف في دخول القوّة على الانفعال ، والقوّة على اللاانفعال تحت هذا النوع ، وأمّا القوّة على الفعل فقد أخرجها الشيخ منه (٣). فنذكر في تحديد القدر المشترك بين القوّتين الأوليين : «إنّه الذي يترجح به القابل في أحد جانبي قبوله ولا قبوله».
__________________
(١) في المباحث المشرقية : «كامل».
(٢) هذا ما ذكره الرازي ، ويمكن الاجابة عليه بأنّ الاستعداد من الكيفيات ذات الاضافة لا من مقولة الاضافة ، فهو كالعلم الذي هو من الكيفيات النفسانية وتلزمه الاضافة بين العالم والمعلوم.
(٣) وهو الحق عند الرازي فراجع نفس المصادر.