المسألة الثانية : في أنّ القوّة على الفعل غير داخلة في هذا النوع
زعم القدماء أنّ القوّة على المصارعية داخلة في هذا النوع. وفي التحقيق ليس كذلك ، لأنّ المصارعية تتعلق بأمور ثلاثة :
الأوّل : العلم بتلك الصناعة.
الثاني : القوّة القوية على تلك الأفعال.
وهذان من باب الحال والملكة (١) ، فلا يدخلان تحت هذا النوع ؛ لامتناع دخول حقيقة واحدة تحت مقولتين.
الثالث : كون الأعضاء في خلقتها الطبيعية بحيث يعسر عطفها ونقلها. وهو في التحقيق عبارة عن القوة على المقاومة واللاانفعال ، وهو أحد القسمين المذكورين.
لا يقال : القدرة على تلك الأفعال لها اعتبار من حيث إنّها قدرة ، وهي من باب الحال والملكة ، واعتبار آخر من حيث إنّها قدرة شديدة ، أو من حيث إنّها فاعلة بسهولة ، وهي بهذا الاعتبار من هذا الباب.
لأنّا نقول : الذي فيه قوّة الانصراع أشد ، ففيه أيضا قوّة الصرع ، لكنّها ضعيفة. والذي فيه قوّة الصرع ففيه قوّة الانصراع حاصلة ، لكنّها ضعيفة ، ففي كلّ منهما قوّة الأمرين ، لكنّها في أحدهما أقوى ، وفي الآخر أضعف.
فهذا الاختلاف إن كان في الماهية وجب أن لا تكون شدة القوّة خارجة عن ذات القوّة ، فإنّ الشيء لا يختلف باختلاف ما ينضم إليه من خارج ، وإذا لم تكن الشدة موجودا آخر ، بل القوّة القوية موجود واحد يخالف بماهيته الوحدانية القوّة الضعيفة ، ودخلت تلك الحقيقة في أحد الجنسين امتنع دخولها في الجنس الآخر.
وإن كان الاختلاف في العوارض فهو محال ؛ لأنّه يلزم أن تكون هناك قوة واحدة باقية وتعرض لها الشدة لا لقوة أخرى انضافت إليها ، بل كيفية غير القوّة
__________________
(١) إن ضعفا فهما من باب الحال ، وإن قويا فمن الملكة.