قارنت القوّة فصارت بها أشد تأثيرا وفعلا ، وهو باطل. ومع بطلانه فالمقصود حاصل ؛ لأنّ القوّة القوية إذا كانت من نوع القوّة الضعيفة ، والقوّة الضعيفة غير داخلة في هذا القسم من الكيفية فالقوّة (١) القوية أيضا غير داخلة ، لأنّ أحد المثلين إذا لم يدخل تحت جنس لم يكن الآخر داخلا تحته.
وأيضا الحرارة لها قوّة شديدة على الإحراق ، فلو دخلت تحت جنس الانفعاليات والانفعالات لزم تقوّمها بجنسين ، وهو محال. فإذن القوّة الشديدة لا تدخل تحت هذا الجنس.
المسألة الثالثة : في أنّ الصلابة واللين وجوديان أم لا؟
قد سبق فيما تقدم في الكيفيات الملموسة أنّ الصلابة هي الاستعداد الطبيعي نحو اللاانفعال ، وأنّ اللين هو الاستعداد الطبيعي نحو الانفعال ، فليس جعل أحدهما عدما للآخر أولى من العكس. فإذن ليس التقابل بينهما تقابل العدم والملكة فهما إذن كيفيتان وجوديتان.
إلّا أنّ لقائل أن يقول : الاستعداد الطبيعي تلزمه أمور ثلاثة :
الأوّل : اللاانغمار وهو عدمي.
الثاني : المقاومة المحسوسة.
الثالث : بقاء الشكل على ما كان ، وهما وجوديان.
وذلك الاستعداد لا يجوز أن يكون عدميا ، لأنّه علّة لأمرين وجوديين ، وعلّة الموجود موجودة ، فذلك الاستعداد أمر وجودي.
وأيضا الانغمار ـ كما حققناه ـ حركة حاصلة في سطح الجسم مقارنة لحدوث شكل مخصوص فيه واستعداده لقبول الحركة ، لأنّه جسم طبيعي ، واستعداده لقبول ذلك الشكل لأنّه متكمّم (٢). وإذا كان كونه جسما طبيعيا
__________________
(١) ج : «القوة».
(٢) في المخطوطة : «مثلين» ، وما أثبتناه من المباحث المشرقية.