موجودة في السطح الذي هو الطرف فقط ، ومع ذلك جعلوه شكلا. (١)
وفي هذا نظر ، فإنّهم إذا جعلوا الشكل هيئة إحاطة الحدّ الواحد أو الحدود بالجسم ، كان متعلّقا بالحدّ أو بالحدود ، كما إذا قالوا اللون هيئة عارضة للسطح ، فإنّا نعلم تعلّقه بالسطح ونشك في ثبوته للجسم.
المسألة الثامنة : في أنّ الشكل من الكيف أو الوضع؟ (٢)
المشهور أنّ الشكل من باب الكيف ، ونقل عن ثابت [بن قرة] أنّه من باب الوضع (٣) ؛ لأنّ الوضع ـ بمعنى المقولة ـ هيئة تعرض للشيء بسبب نسبة أجزائه بعضها إلى بعض ، والتربيع والتثليث كذلك ، لأنّها هيئات تحصل للمربع والمثلث بسبب أطرافهما وحدودهما ، فهي من الوضع.
وهو خطأ ، فإنّ الوضع بمعنى المقولة يشترط فيه نسبة أخرى هي نسبة أجزائه إلى أمور خارجة عنها. والأشكال ليست كذلك ، لأنّها هيئة تحصل بسبب نسبة الأطراف والحدود ، وأطراف الشيء ليست أجزاء للشيء. ولأنّ الوضع هيئة حاصلة بسبب نسبة أجزاء الشيء إلى الأمور الخارجة عنه مع نسبة أجزائه بعضها إلى بعض ، فإنّ المنتكس لا تتغير نسبة أجزائه بعضها إلى بعض ، مع أنّ وضعه متغيّر لتغيّر نسبة أجزائه إلى الأمور الخارجة. والأشكال هيئات تعرض بسبب نسبة الأجزاء فقط بعضها إلى بعض ، ولا يعتبر النسبة إلى الأمور الخارجة ، ولذلك فإنّ المربع لا تختلف مربّعيته عند اختلاف نسبة حدوده إلى الخارجيات عنه. فلما توقف الوضع على النسبتين دون الشكل علم أنّه ليس منه.
__________________
(١) الفصل الثاني من المقالة الخامسة من مقولات الشفاء.
(٢) قارن الفصل الأوّل من المقالة السادسة من مقولات الشفاء : ٢١٠ ؛ المباحث المشرقية ١ : ٥٤٦ ـ ٥٤٧ ؛ الأسفار ٤ : ١٧٤ ـ ١٧٦ ؛ شرح المقاصد ٢ : ٣٨٥.
(٣) وهو ما ذهب إليه الرازي كما في المصدر نفسه.