البحث في شيء آخر لم يتعرض له. ولا يكفي في الوضع النسبة التي بين أجزاء الشيء وبين أطرافه ، حتى يلزم أن يكون الشكل من مقولة الوضع.
قال الشيخ : من قال «الشكل من الوضع ، لأنّ الشكل متعلّق بحدود بينها تجاور خاص يوضع بعضها عند بعض» ، فلقد غلط من وجوه :
الأوّل : أخذ الحدود مكان الأجزاء ، وإنّما الاعتبار في الوضع بالأجزاء ، وفي الشكل بالحدود.
الثاني : حسب أنّ هذا الوضع من المقولة الخاصة ، ولم يعرف أنّ هذا من المضاف. وإنّما الوضع الذي من المقولة ، هو وضع أجزاء الشيء عند خارج مباين ، لا وضع أجزاء الشيء في نفسه.
الثالث : ظن أنّ تعلّق الشيء بمقولة يوجب أن يكون منها ، فإنّ الشكل وإن كان لا يحصل إلّا بالإضافة بين الحدود أو وضع أيضا ، فليس يجب أن يكون الشكل وضعا فإنّ المربع أيضا لا يحصل إلّا بعدد من الحدود ، وليس يجب أن يكون المربع عددا. ألا ترى أنّه لا يقال : إنّ المربع هو عدد الحدود ، ولا أنّ المربع وضع الحدود عند حد ، فليس يقال عليه هذان ، فكذا لا يقال : إنّه داخل في مقولتهما ، بل يقال : إنّ المربع حاصل عن وضع كذا وعن حدّ كذا.
المسألة التاسعة : الزاوية (١)
اختلف الحكماء في الزاوية ، من أي مقولة هي؟ فقال بعضهم : إنّها من
__________________
(١) الزاوية في اللغة «كنج» [بالفارسية] ، وعند المهندسين تطلق بالاشتراك على معنيين ، أحدهما : الزاوية المسطحة وتسمّى بسيطة أيضا وهي هيئة عارضة للسطح المحدّب عند ملتقى خطين يحيطان به سواء كانا مستقيمين أو غير مستقيمين أو كان أحدهما مستقيما والآخر غير مستقيم. وثانيهما : الزاوية المجسمة وهي هيئة تحدث للجسم المحدّب عند نقطة منه من حيث هو ، أي الجسم المحدّب ذو حدود متصلة بها. وهذا أشمل مما قيل الزاوية المجسمة هي ما يحصل عند تلاقي السطحين ؛ لأنّه لا يشمل مثل زاوية رأس المخروط. كشاف اصطلاحات الفنون ١ : ٦٢٤ ـ ٦٢٥. وانظر البحث في الفصل الثاني من المقالة السادسة من مقولات الشفاء.