إنّ الزاوية «جنس آخر من الكم بين الخط والسطح» (١) ظانا أنّ قولهم «الخط له طول فقط ، وأنّ السطح له طول وعرض» ، هو أن يكون له طول وعرض هما حدّان قائمان أحدهما على الآخر ، حاسبا أنّ الخط يتكوّن عن حركة نقطة ، ثمّ السطح عن حركة الخط بكليته لا إلى جهة امتداده ، بل على عمود عرضا حتى يكون إذا ثبت طرف وتحرّك طرف بحيث تكون إحدى نقطتيه ساكنة والأخرى متحركة ، لم يكن السطح تاما ، بل فعل شيئا بين السطح والخط. وكذا الزاوية المجسمة مقدار متوسط بين السطح والجسم ؛ لأنّ الجسم إنّما يحدث بحركة السطح ، لا في جهة امتداده ، فإذا فرض أحد طرفيه ساكنا لم يكن الحادث جسما تاما.
فإنّ هذا لمّا أخطأ في معرفة الطول والعرض تمادى به الخطأ إلى أن تهوش وجهل ماهية السطح والجسم ، وظن أنّ السطح لا يكون ذا عرض إلّا إذا كان محاطا بحدود أربعة. والجسم لا يكون ذا عمق إلّا إذا كان محاطا بحدود ستة. ولم يعرف معنى قول القدماء : السطح ذو طول وعرض ، والجسم ذو طول وعرض وعمق.
بل الزاوية المسطحة سطح ، ولذلك يمكن أن يفرض فيها بعد ، ويفرض آخر قائما عليه ، والزاوية المجسمة جسم لمثل ذلك ، أعني : إذا عنينا بالزاوية المقدار الذي له هذا النوع من التحدد ، فأمّا إذا ذهبنا إلى الهيئة فإنّ الزاوية كيفية.
ومن جعل الزاوية من الكم رسمها تارة بأنّها «سطح أو جسم ينتهي إلى نقطة».
__________________
(١) فيكون عدد أجناس المقادير على هذا الرأي خمسة بزيادة جنسين آخرين لا أربعة بزيادة جنس واحد كما ذكره الشيخ ؛ إذ المتوسّط بين السطح والخط لو صحّ تحصّله ووجوده لكان جنسا مباينا للمتوسّط بين الجسم والسطح لو صحّ ذلك.
وأمّا الشيخ ، فالتحقيق عنده في أمر الزاوية انّها ليست من الأنواع الذاتية للمقدار ، بل من الأفراد الصنفية لأنّها هي المقدار ، أعني : السطح أو الجسم بشرط عروض هيئة له وهي كونه محاطا بين نهايات متلاقية عند نقطة واحدة. راجع تعليقة صدر المتألّهين.