وأورد عليه : بأنّ السطح لا ينتهي بالذات إلى النقطة ، فإنّ نهايته الخط ، فإن أراد به أنّه ينتهي إلى الخط المنتهي إلى النقطة ، فلا بدّ فيه من إضمار هذه الزيادة (١).
وقد صرّح بعضهم بها فقال : إنّها «سطح يحيط به خطان اثنان بالفعل ينتهيان إلى نهاية واحدة». وربّما قيل : «سطح تحيط به نهايتان متماستان». وربّما قيل : «سطح تحيط به نهايتان إلى نهاية».
ثم قيل : إنّ هذه الرسوم لا تميّز الزاوية عن الشكل ، فإنّ الشكل ينتهي في زواياه إلى النقطة ، وليس لأحد أن يقول انتهاء الشكل إلى النقطة بسبب زواياه ، فذلك للشكل بالعرض ، وللزاوية بالذات ، لأنّ الشكل موصوف في ذاته وحقيقته بهذه الخاصية. فهب أنّ ذلك بسبب الزاوية حتى تكون (٢) محمولة أوّلا على الزاوية ، وعلى الشكل ثانيا ، ولكن لما اشترك الشكل والزاوية فيها (٣) فلا بدّ من مميّز هو فصل يفصل أحدهما عن الآخر. على أنّ الحق أنّه ليس انتهاء المثلث إلى النقطة بسبب كونه ذا زاوية ، بل كونه ذا زاوية بسبب انتهائه إلى النقطة.
وأيضا فإنّ هذا الحدّ لا يتناول المجسمة (٤) لأنّها لا تنتهي إلى نقطة ، بل إلى خط.
وقيل : الزاوية «سطح يحيط به خط واحد ينعطف على نقطة». وفرق بينه وبين الأوّل ـ وهو أنّه السطح الذي يحيط به خطان يتحدان على نقطة ـ فإنّ قائل الأوّل اعتقد أنّ الخطين المحيطين بالزاوية خط واحد ، وهو باطل ؛ لأنّ كونه منعطفا على نقطة إنّما يتحقق لو كانت النقطة موجودة بالفعل ، وإذا وجدت بالفعل تميز كلّ من قسمي الخط في ذاته عن الآخر ، فهما بحال لو لم يفرض
__________________
(١) المباحث المشرقية ١ : ٥٤٩.
(٢) أي هذه الخاصية.
(٣) في النسخ : «فيهما» وما أثبتناه من عبارات الرازي.
(٤) أي الزاوية المجسمة.