المسألة العاشرة : في الخلقة (١)
الخلقة يقال للهيئة العارضة للجسم بسبب اللون والشكل ، وينسب إلى الكيفيات المختصة بالكميات ، وهي إنّما تحصل من اجتماع اللون والشكل ، وباعتبارهما يوصف الشخص بالحسن والقبح.
قال الشيخ : «لقائل أن يقول : كيف تكون الخلقة كيفية واحدة وشيئا واحدا وهي مجموع لون وشكل؟ وهب أنّكم جوّزتم تركّب أنواع الجواهر من جواهر ، لكنّكم أصررتم على امتناع تركّب أنواع الأعراض ، وإن كان لحدودها تركّب من جنس وفصل. وهذه الخلقة نوع واحد عندكم في باب العرض ينقسم إلى شيئين : الشكل واللون يحصل منهما وجود الخلقة.
وأجاب : بأنّا لا نمنع من تركب الأعراض من الأعراض ، فإنّ العشرة عرض لأنّها عدد فهي كم ، وهي مركبة من خمسة وخمسة. والمربع عرض ، وإنّما يلتئم من محدود وحدود أربعة ، بل نعني أنّ الجواهر قد يوجد منها ما يناسب طبيعة جنسها ، وما يناسب طبيعة فصلها أجزأ متغايرة ، وإن لم يكن أحدهما طبيعة الجنس ولا الآخر طبيعة الفصل. والأعراض لا يوجد فيها ذلك ، وإن وجدت لها أجزاء ، فلا يكون جزء منها مدلولا عليها بوجه من الوجوه.
فطبيعة الجنس كالكيف (٢) هاهنا لهذا المركب وجزء آخر مدلول عليه بطبيعة الفصل ، وإنّها تنتهي لا محالة إلى بسائط لا يوجد فيها أحد وجهي القسمة إلّا بحدودها. ولا يجب أن تكون أجزاء الحد أجزاء المحدود. فالشكل إذا قارن
__________________
(١) الخلقة ، بالكسر وسكون اللام. اختلف العلماء في تفسيرها فقيل هي مجموع الشكل واللون وهي من الكيفيات المختصّة بالكميات. وقيل الشكل المنضم إلى اللون. وقيل كيفية حاصلة من اجتماعهما. كشاف اصطلاحات الفنون ١ : ٤٤٦ ؛ راجع أيضا شرح المواقف ٦ : ١٥٧.
(٢) في هامش ق وج : «الكيف كالجنس» ، ولعلّه الصحيح ، وما أثبتناه طبقا للشفاء.