تذنيب : الخلق الظاهر دليل على الخلق الباطن ؛ لأنّ الأفعال الإنسانية ما هو بحسب الطبائع ، ومنها ما هو بحسب التكلّف ، فإنّ الإنسان لا يفعل كل شيء يميل طبعه إليه ، وحينئذ يتعذّر الاستدلال بفعل الإنسان على خلقه ، لجواز أن يكون ذلك الفعل الصادر عنه تكلّفيا.
أمّا الحيوانات ما عداه فإنّ أفعالها في الأكثر صادرة عنها بحسب طباعها ، حيث ليس لها عقل دافع ولا حياء مانع ، إلّا في النادر. فأمكن الاستدلال بأفعالها على أخلاقها ، فإذا عرفت أخلاقها تتبعوا (١) تلك الأشكال المقارنة لتلك الأخلاق ؛ لأنّ المقتضي للخلق والأخلاق هو القوّة المزاجية.
فقلت على ظنّهم : إنّ الخلقة الفلانية يقارنها الخلق الفلاني ، فإذا رأوا في الإنسان تلك الخلقة استدلوا بها على خلقه ، وهذا هو مبدأ علم الفراسة.
المسألة الحادية عشرة : في خواص العدد
العلم المشتمل على شرح ذلك بالاستقصاء ، وذكر رسومها هو علم «الأرتماطيقي»(٢)، لكن هنا بحثان :
الأوّل : الزوجية والفردية ليستا فصلين ذاتيين للأعداد لوجهين :
أ : يتصوّر العدد الكثير الذي هو زوج ، ويغفل عن كونه زوجا ، ويتصوّر
__________________
(١) كذا.
(٢) علم العدد هو من أصول الرياضيات ويسمّى بعلم الحساب أيضا وهو نوعان : ١ ـ نظري وهو علم يبحث فيه عن ثبوت الأعراض الذاتية للعدد وسلبها عنه وهو المسمّى بارثماطيقي وموضوعه العدد مطلقا. ٢ ـ عملي وهو علم تعرف به طرق استخراج المجهولات العددية من المعلومات العددية. كشاف اصطلاحات الفنون ١ : ٤٥.