والجواب عن أ : القادر لا يقدر على إثبات ما هو ثابت في نفسه وهو الذات ، وإلّا لزم تحصيل الحاصل. وإنّما يقدر على إثبات ما ليس بثابت ، وحينئذ يبطل أصل الدليل.
لا يقال : القادر لا يقدر على الذات ، لاستحالة إثبات الثابت ، ولا على أمر وراء الذات ، لأنّ ما وراء الذات هي صفة الوجود ، والصفة غير مقدورة ولا معلومة أصلا ولا تبعا ، بل المقدور هو الذات على صفة الوجود.
لأنّا نقول : المقدور ليس هو الذات الثابتة في العدم ولا غيرها ، لأنّه إن لم يكن ثابتا صحّ مطلوبنا ، من أنّ المقدور ليس بثابت ، وإن كان ثابتا لزم تحصيل الحاصل. ولا المجموع ؛ لأنّه قول بإثبات الثابت مع التزام أنّه فعل مع ذلك غيره ، وهو تسليم للقول بأنّ ما فعله لم يكن ثابتا في العدم ، وليس هناك قسم رابع يفهم من قولهم الذات على الوجود.
سلّمنا تعقله ، لكنّا نقول : إذا كان متعلّق القادر هو الذات على الوجود ، وتعلّق المقدور يقتضي ثبوته ، لزم أن تكون الذات على صفة الوجود أمرا ثابتا ، حتّى يتعلّق بالقادر. وبالجملة فالتقسيم آت فيه ، فإنّ متعلّق القادر إمّا أن يكون ثابتا في العدم فيلزم تحصيل الحاصل ، أو غير ثابت فيبطل الدليل ، أو المجموع فيبطل الدليل (١) أيضا ، ويلزم المحال الأوّل.
وعن ب : أنّه وإن كان عندهم هو النهاية القصوى في التحقيق مبنيّ على أصول فاسدة ، وهو أنّ تحيّز الجوهر غير كونه جوهرا وموجودا ، وأنّ للذات صفات أجناس ، وأنّ التنافي بها دون حقائق الذوات ، وأنّه إذا تنافت الصفتان (٢) تزول عن الذات صفة أخرى هي الوجود ، كما أنّ الوجود شرط اقتضاء المقتضي
__________________
(١) ق : «أو المجموع فيبطل الدليل» محذوفة سهوا.
(٢) م : «الصفات».