موضع محاذيا لشيء ما بعد أن أدركه في موضع آخر محاذيا لغير ذلك الشيء حكمت النفس عند مجموع الإدراكين بحركة ذلك الشيء. وإذا كانت المسافة قليلة القدر لا يميّز البصر بين الإدراكين فتحسبه النفس ساكنا.
أمّا راكب السفينة فلما لم يدرك لبدنه انتقالا من موضع إلى موضع ، حسبه ساكنا ، وإذا تبدلت محاذاته لأجزاء الشط مع تخيل سكونه في نفسه حسب الشطّ متحركا ، لكون ذلك التبدّل شبيها بالتبدّل الأوّل.
وأمّا سبب رؤية المتحرك إلى جهة متحركا خلافها ، فليكن السائر إلى جهة ينتقل من «أ» إلى «ب» ، والقمر بالقياس إليه مثل «ج» ، والغيم المتوسط بينهما الّذي لا يحجب القمر لرقّته مثل «د ه» ؛ فإذا كان السائر عند «أ» كان شعاعه الممتد الذي به يرى القمر كخط «أز ج» ، فإذا انتقل إلى «ب» صار شعاعه كخط «ب ح د» (١) ، فيتخيل أنّ القمر يتحرك من «ز» إلى «ح» في جهة حركته إذ رآه أوّلا محاذيا لنقطة «ز» ثمّ منتقلا منها إلى «ح».
وأمّا القمر المتحرك إلى خلاف تلك الجهة ، فلا يحس بحركته لما مرّ.
وأيضا ليكن الناظر ساكنا عند نقطة «أ» ورأى القمر وهو «ج» محاذيا لنقطة «ز» من الغيم ، ثمّ تحرك الغيم في جهته ووصلت نقطة «ح» إلى حيث كان في الأوّل نقطة «ز» ، رأى القمر منتقلا عن محاذاة نقطة «ز» إلى محاذاة نقطة «ح» ، فيتخيّل أنّ القمر يتحرك من «ز» إلى «ح» وهو خلاف جهة حركة الغيم ؛ ولا يحس بحركة الغيم ؛ لأنّ انتقاله في المحاذاة بالقياس إلى السماء لا يتغير في حسّه لتشابه أجزاء السماء وأجزاء الغيم في الحس. وإذا كان الغيم مثل «ح ه» فقط ، والناظر عند «أ» رأى القمر بعيدا من طرف الغيم بقدر «ز ح» ، ثمّ يتحرك الغيم إلى أن
__________________
(١) في المصدر : «ب ح ج».