البحث الثالث
في بقايا أحكام العلم
وفيه مسائل :
المسألة الأولى : في أنّ العلم عرض
هذا الحكم كالضروري ؛ لأنّه على جميع تفاسيره موجود في شيء لا كجزء منه. ولا يصحّ قوامه دون ما هو فيه. ولا يعقل قيامه مجرّدا عن ذات تكون عالمة به. غير حالّ في شيء بحيث يكون جوهرا مجردا ، ولا جوهرا ماديا يقارن الأجسام ويلابسها.
أمّا عند القائلين بأنّه عدمي هو التجرد عن المادة (١) ، فظاهر أنّ الأمور العدمية لا تأصّل لها في الوجود فلا تتحقق معقولة فضلا عن التحقق خارج الذهن إلّا قائمة بغيرها.
وأمّا من يجعله إضافة (٢) فكذلك ؛ لأنّ الأمور الإضافية عدميّة عند جماعة ، وقائمة بغيرها قيام العرض بمحلّه عند أخرى ، بل العرضية فيها أتم حيث افتقرت
__________________
(١) انظر الإشكالات الواردة على القول بسلبية العلم وسائر الأقوال وتشييد الحقّ في حقيقة العلم في الأسفار ٣ : ٢٨٦ ـ ٢٨٨.
(٢) كما ذهب إليه الرازي في المباحث المشرقية ١ : ٤٥٠. وله أقوال شتى في حقيقة العلم.