والتحريك ، فإنّ القدرة صفة حاصلة للنفس لا تتوقف على الفرض والاعتبار ، فلا جرم من عرف ذاته عرف هذه الصفات.
وعن د : ما مرّ من أنّ علمنا بنفسنا نفس نفسنا بالذات ومغاير لها بالاعتبار فجاز التخلف للغفلة ، أو حضور ما يشغل النفس عن الالتفات إليه ، فإذا خلت النفس عن هذه الموانع حصل العلم بها.
وفيه ما مرّ.
وعن ه : ما مرّ أيضا.
[الوجه] الثاني : (١) أنّا دائما نستدل بالأسباب على مسبباتها ، فإذا رأينا ملاقاة النار للقطن علمنا ثبوت الإحراق ، وإذا رأينا الثقل مع عدم المانع تيقّنّا الهوى ، وليس الموجب لذلك إلّا أنّ العلم بالسبب يوجب العلم بمسببه.
اعترض (٢) : بأنّا إنّما نعرف ذلك بالحس لا بالعلم بماهية العلّة ، أو بالاستقراء ، بل الدلالة بالعكس أولى ، فإنّا ما لم نشاهد الريّ من شرب الماء والشبع من تناول الطعام لم نعرف ثبوت هذين الأثرين عليهما ، ولو كانت معرفة ذات العلّة كافية في معرفة وجود المعلول لما احتجنا في هذه المواضع إلى التجربة.
ونقول أيضا : إن أردتم أنّ علمنا بثبوت العلّة من حيث إنّها علّة توجب علمنا بثبوت المعلول فهو حقّ ، وإن أردتم أنّا إذا علمنا ذات العلّة لا باعتبار هذا الوصف يلزم العلم بثبوت المعلول فهو في غاية المنع. (٣)
[الوجه] الثالث : إذا عقلنا العلّة حصل في ذهننا ماهية موجبة لماهية
__________________
(١) من الوجوه التي استدل بها القدماء من الفلاسفة على مدعاهم.
(٢) الرازي في المصدر نفسه : ٤٨٠. وقد فصّله ووضّحه المؤلّف وأضاف إليه اعتراضا آخر بقوله : «ونقول أيضا».
(٣) للعلم بالعلّة اعتبارات مختلفة ، راجع كشف المراد : ٢٣٢ ـ ٢٣٣.