وأيضا ما ذكرتم إنّما يصحّ لو استدللنا بالألف على الباء ، أمّا إذا استدللنا بهذه الألف على هذه الباء فلا يتمّ ما ذكرتم فإنّ ذلك هو المطلوب ، وكلامكم غير متعرض له ، بل الصحيح جوازه ؛ لأنّ الأشخاص من حيث إنّها أشخاص معلولة ولا بدّ وأن تنتهي في سلسلة الحاجة إلى واجب الوجود ، والعلم بالعلّة توجب العلم بالمعلول عندكم ، فيلزم من علم واجب الوجود بذاته علمه بالأشخاص الزمانية من حيث هي أشخاص زمانية ، لا من حيث هي كلية. وبهذا يظهر بطلان قول الفلاسفة في نفي علمه تعالى بالجزئيات. وسيأتي الاستقصاء فيه إن شاء الله تعالى.
المسألة الحادية عشرة : في كيفية العلم بالجزئيات (١)
العلم عند قوم أنّه صورة مساوية للمعلوم كما قد عرفت. وعند آخرين أنّه صفة حقيقية تلزمها الإضافة. وعند آخرين أنّه نفس الإضافة من العالم والمعلوم. وكما أنّ للكلي صورة في نفس الأمر يعلم ذلك الكلي باعتبار انطباع مساويها في الذهن ، كذلك للجزئي صورة جزئية في نفس الأمر تنطبع في الذهن مثالها حتى يعلم ذلك الجزئي ، هذا إن جعلنا العلم صورة. وإن جعلناه صفة تلزمها الإضافة إلى المعلوم ، أو إضافة إلى المعلوم ، فكذلك لكلّ معلوم من الكلي والجزئي صفة ذات إضافة بحسبه ، وتلزمها الإضافة إليه الخاصة أو إضافة مخصوصة به. فإذا تغير المعلوم كما في الجزئيات الحادثة المتغيرة وجب تغير الإضافة إليه أو الصورة المنتزعة منه ، لكن لما كان واجب الوجود تعالى وتقدّس لا يعلم الأشياء بصورة
__________________
(١) راجع نفس المصدر : ٤٨٤.