اعتبار هذا الوصف ، بل هو محكوم عليه بالوجوب من حيث المماثلة ، ومتعلق كل وصف منهما معلوم من جهة كونه متعلقا وغير معلوم من غير تلك الجهة.
المسألة العشرون : في تحقيق قولهم : نفس الأمر (١)
سألت شيخنا أفضل المحققين نصير الملة والحق والدين ـ قدس الله
__________________
(١) اختلفت كلمات الفلاسفة في المعنى الاصطلاحي لكلمة «نفس الأمر» ؛ فقال بعضهم : إنّ المراد منها نفس الشيء في حدّ ذاته على أن يكون المراد بالأمر هو الشيء نفسه ، واستعمل اسم الظاهر (الأمر) مكان الضمير ، فبدلا من القول : «هذا كذا في نفسه» يقال : «هذا كذا في نفس الأمر» ، فيقصد مثلا من قولهم: «العدم باطل في نفس الأمر» انّه باطل في نفسه ، قال به اللاهيجي في المسألة الثلاثين من الفصل الأوّل من شوارق الالهام ، وميرداماد في القبسات : ٣٨٦.
وقال بعضهم : إنّ المراد منها عالم الأمر وهو عبارة عن عقل كلي فيه جميع المعقولات ويقصد من مطابقة قضية مع نفس الأمر : مطابقتها مع الصور المعقولة عنده. ويعبر عنه أيضا ب «العقل الفعال» ذهب إليه المحقق الطوسي ، كما يأتي ، ولكن عبّر عنه ب «العقل الأوّل» ، وهما بحسب التعبير مختلفان بل هما مذهبان ، إلّا أنّه يمكن التوفيق بينهما بلحاظ المراتب والطولية للعقول بأن يكون «نفس الأمر» في أعلى مراتبه هو العقل الأوّل وفي أدناها هو العقل الفعال.
وهي عند العلامة الطباطبائي صاحب تفسير الميزان : ما يعتبره العقل ظرفا لمطلق الثبوت الشامل لمراتبه الثلاث وهي : ثبوت الوجود وثبوت الماهية وثبوت المفاهيم الاعتبارية.
والظاهر أنّ العلّامة الحلّي أوّل من بحث عن حقيقة هذه الكلمة وطرحها في كتبه الكلامية حيث قال في شأن البحث عنها : «وهو بحث شريف لا يوجد في الكتب». كشف المراد : ٧٠.
وقال في المصدر نفسه : «وقد كان في بعض أوقات استفادتي منه [المحقق الطوسي] ـ رحمهالله ـ جرت هذه النكتة وسألته عن معنى قولهم : إنّ الصادق في الأحكام الذهنية هو باعتبار مطابقته لما في نفس الأمر ... فقال ـ رحمهالله ـ المراد بنفس الأمر هو العقل الفعال ...».
وجدير بالذكر أنّه قد يستعمل «نفس الأمر» مرادفا للواقع ومقابلا لوعاء الاعتبار ، كما أنّه قد يعمّم إلى الواقع الخارجي والذهني والاعتباري.
راجع : الأسفار ١ : ٦٠ ، ٦٥ ، ١٥٠ ، ٣٤٤ ، ٣٥٠ ، ٣٦٥ ـ ٣٧٢ و ٧ : ٢٧٦ ـ ٢٨١ ؛ كشف المراد : ٧٠ ويقول العلّامة حسن زاده الآملي في تعليقته على هذا الكتاب : «قد صنفنا رسالة في نفس الأمر ، وقد فرض علينا تأليفها سؤال العلّامة وجواب المحقق الطوسي إياه» ؛ شوارق الالهام : المسألة الثلاثون من الفصل الأوّل ؛ القبسات : ٣٩ ، ٤٧ ، ٣٨٥ ـ ٣٨٧ ؛ نهاية الحكمة : ١٥.