البحث الثاني
في أقسامها (١)
اعلم أنّ المؤثر كما يكون واحد الأثر كذا يكون كثير الأثر. وكما يفعل مع الشعور قد يفعل مع عدمه. فلهذا قسّم الأوائل القوة بهذه الاعتبارات إلى أربع قوى ؛ لأنّها إمّا أن يصدر عنها فعل واحد أو أفعال مختلفة ، وعلى كلا التقديرين : إمّا أن يكون لها بذلك الفعل شعور أو لا ، فالأقسام أربعة :
الأوّل : القوة التي يصدر عنها فعل واحد أي على وتيرة واحدة وعلى نهج واحد غير مختلف ، لأنّه (٢) واحد بالشخص من غير أن يكون لها شعور به ، وتسمى طبيعة ، وهي على قسمين : فإنّها إمّا أن تكون صورة مقومة ، وإمّا أن لا تكون بل تكون عرضا. فإن كانت صورة مقومة ، فإمّا أن تكون في الأجسام البسيطة فتسمى طبيعة كالنارية والمائية ، وإما أن تكون في الأجسام المركبة فتسمى صورة نوعية لذلك المركب كالطبيعة المبردة في الأفيون ، والطبيعة المسخنة في الفربيون (٣). وأمّا إن كانت عرضا فهو كالحرارة والبرودة.
__________________
(١) راجع نفس المصدر من الشفاء ؛ المباحث المشرقية ١ : ٥٠٤ ـ ٥٠٥ ؛ كشف المراد : ٢٤٧.
(٢) ق : «لا أنّه».
(٣) ق : «الأفربيون» وفي هامش ج : «هو داء يلطّف م».