وفيه نظر ، لأنّا نمنع استدعاء الامتياز الثبوت. وفرق بين المعدوم والعدم ، فإنّ المعدوم شيء اتّصف بالعدم. لا أقول إنّه شيء ثابت في الخارج بل إنّه مفهوم اتّصف في الذهن بالعدم لا على أنّه ثابت في الذهن أيضا.
وأيضا المحكوم عليه بالامتناع ليس هو الصورة الذهنية ، بل ما هذه الصورة صورته. وتلك الماهية لا ثبوت لها ذهنا ولا عينا ، لأنّا لا نقول : إنّ تلك الصورة الذهنية يمتنع وجودها في الخارج ، وإلّا لم يبق فرق بين الممكن والممتنع كما تقدّم ، بل الماهية التي هذه الصورة صورة لها هي التي يحكم عليها بالامتناع.
لا يقال : المتصورات لا تتميّز بعضها عن البعض قبل وجودها ، بل نحن قبل وجودها نعلم أنّها بعد وجودها يكون بعضها متميّزا عن البعض ، فالحاصل أنّ التميّز بصفات مترقبة الحصول.
لأنّا نقول : هذا باطل لأنّه إذا لم يكن هناك ما يشير العقل إليه ويحكم عليه بالامتياز استحال الحكم بأنّ بعضها متميز عن البعض بعد الوجود ، والمعتمد نفي هذه الصورة لوجوه:
الأوّل : الأدلّة الدالّة على امتناع كون العلم صورة تدل على نفي الصورة أيضا. ولأنّ(١) حصول الاستدارة والحرارة في القوّة المدركة يقتضي صيرورتها مستديرة حارة.
اعترضه أفضل المحقّقين : بأنّ الاستدارة إن كانت جزئية كانت ذات وضع ، فلا محالة يكون محلّها ذا وضع فيصير الجزء الذي هو محلّها مستديرا بها من حيث هو محلّها ، ولا يلزم من ذلك أن يصير المدرك الذي يكون ذلك المحلّ آلة له مستديرا. وإن كانت كلية لم تكن ذات وضع ، ولا تقتضي أن يصير محلّها
__________________
(١) برهان آخر على عدم كون العلم حصول ماهية المعلوم عند العالم.