الإيجاب ، وليس كذا الحال في القادر وصدور الفعل من جهته. وأيضا لو وجب الاقتران لم يمنع من وجوب تقدم القدرة.
وعن يو : بالمنع من استناد الفرق إلى أمر موجود في الحال ، فجاز أن يكون بأمر متقدم.
المسألة الثالثة : في أنّ القدرة متعلّقة بالضدين (١)
اختلف الناس في ذلك ، فذهب المعتزلة والإمامية والفلاسفة إلى ذلك ، ومنعت الأشاعرة منه (٢) ، وقالوا : إنّ القدرة الواحدة إذا تعلقت بالفعل امتنع تعلّقها بالترك ، وبالعكس.
قيل : إن عنوا بالقدرة مجموع الأمور التي يترتب الأمر عليها ، فليست القدرة قدرة على الضدين ، لأنّ الأثر لا يصدر عنه ما لم يجب ذلك الصدور ، فلو كانت النسبة إلى الضدين كذلك لزم حصولها.
وإن أريد به القوة العضليّة وحدها ، وأنّها بحيث لو انضمّ إليها القصد إلى
__________________
(١) راجع مقالات الإسلاميين : ٢٣٠ ـ ٢٣١ ؛ شرح الأصول الخمسة : ٣٩٧ ؛ المباحث المشرقية ١ : ٥٠٦ ـ ٥٠٧ ، أصول الدين للرازي ؛ ٩٠ ، تلخيص المحصل : ١٦٧.
(٢) اعلم أنّ القاضي عبد الجبّار قسّم الأشاعرة في هذه المسألة إلى فرقتين : فرقة تقول : إنّ القدرة غير صالحة للضدين ، وفرقة تقول : إنّها صالحة للضدين. وقال : «هذا [الرأي الثاني] إنّما أخذوه عن ابن الراوندي ، ظنا منهم أنّه ينجّيهم عن ارتكاب القول بتكليف ما لا يطاق» شرح الأصول الخمسة : ٣٩٧ ـ ٣٩٨.
وقال الأشعري : «وقال بعض المتأخرين ممن كان ينتحل المعتزلة : القدرة مع الفعل وهي تصلح للشيء وتركه ... وهذا قول ابن الراوندي» مقالات الإسلاميين : ٢٣٠ ـ ٢٣١.
وقال المصنّف أيضا في مناهجه : «ذهب قوم من الأوائل وجماعة من الأشاعرة إلى أن القدرة لا تتعلق بالضدين ، وجماعة المعتزلة اتفقوا على أن صلاحيتها للتعلق بهما» مناهج اليقين : ٧٨.