وكون الصدور مستحيلا من دونهما ككون الوجود مستحيلا باعتبار الإمكان المجرد عن العلة ، وكما لا يخرج الممكن عن امكانه باعتبار هذه الاستحالة ، كذا لا يخرج امكان ايجاد الفعل عن الفاعل عن امكانه باعتبار هذه الاستحالة ، لأنّ الاستحالتين مستندتان إلى عدم العلة فيهما ، وامكان الإيجاد هو القدرة أو معلولها ، فقبل هذه الضميمة التي فرضت مع الزيادة تكون القدرة موجودة ؛ لأنّا لا نعني بالقدرة الصفة الموجدة قطعا ، بل التي يصح بها الإيجاد. فهذا هو تحقيق هذا الموضع (١).
وعن الثالث : بأنّه قياس خال عن الجامع. ثم الفرق أنّ كل واحد من المختلفات ثبت بدليله ، وتعلق القدرة مختلف ، ثم ينقض عليهم بالعجز فإنّه عندهم متعلق بالضدين ، ويبطل على الكلامية بالقدرة القديمة التي أثبتوها متعلقة بالأضداد.
وعن الرابع : ليس العون على الشيء هو القدرة فقط ، وإلّا لكان الله تعالى معينا للكافر على كفره ، بل لا بدّ من اقتران الإرادة مع القدرة (٢) ، فلهذا كان العون على الشيء مخصوصا به دون ما يضاده.
المسألة الرابعة : في مبادئ الحركات الاختيارية (٣)
الحركة الاختيارية هي التي تصدر عن فاعل قادر على الفعل والترك ،
__________________
(١) راجع شرح الأصول الخمسة : ٤٢٨.
(٢) قال القاضي : «لا نسلم أنّ القدرة بمجردها عون ، وإنّما العون هو التمكين من الفعل وإرادة الفعل ، حتى لو يمكن غيره من قتل آدمي بأن يدفع إليه سكينا ولا يريد منه قتله ، وإنّما دفع إليه ذلك لأن يذبح به بقرة ، فإنّه متى قتل آدميا لم نقل : إنّه أعانه على قتله». نفس المصدر : ٤٣٠ ـ ٤٣١.
(٣) راجع شرح الاشارات ٢ : ٤١١ ـ ٤١٣ ؛ الفصل الرابع من المقالة الرابعة من الفن السادس من طبيعيات الشفاء : ٣٤٤ ؛ الفصل الخامس من المقالة السادسة من إلهيات الشفاء ؛ تعليقة صدر المتألهين على الشفاء : ١٦٤ ـ ١٦٥.