يعزم ، وهذه القوة هي المبدأ القريب للحركات. وفعلها تشنّج الأعصاب (١) وإرسالها ويتساوى الفعل والترك بالنسبة إليها.
المسألة الخامسة : في إبطال قول الفلاسفة (٢)
في أنّ كل جسم يصدر عنه أثر لا بالقسر ولا بالعرض فعن قوة موجودة فيه.
قالت الفلاسفة : الأجسام مشتركة في مفهوم الجسمية ومتفاوتة في الأحياز وغيرها من الآثار ؛ فإنّ بعضها تلزمه البرودة وبعضها الحرارة وغيرهما ، وتلك الآثار حادثة ممكنة فلا بدّ لها من مؤثر ، وهو إمّا الجسم ، أو محله ، أو الحال فيه ، أو المباين الذي لا نسبة له إليه بالحلول ، فلا يكون حالّا فيه ولا محلا له. والأوّل باطل لوجهين :
الأوّل : الأجسام مشتركة في مفهوم الجسمية على ما مرّ واشتراك العلّة يقتضي اشتراك المعلول ، لكن المعلول غير مشترك على ما قدّمنا من اختلاف الأجسام فيها ، فالعلة غير مشتركة ، والجسمية مشتركة فلا تكون علة.
الثاني : لو استندت هذه الآثار إلى الجسمية لدامت بدوامها ، والتالي باطل ، فالمقدم مثله ، والشرطية ظاهرة.
وكذا الثاني ؛ لأنّ هيولى العناصر مشتركة ولا تبقى الآثار ببقائها.
وأمّا الثالث ، فهو المطلوب.
__________________
(١) في شرح الاشارات وطبيعيات الشفاء : «العضل». واعلم أنّ مبادئ العضل هي الأعصاب ، والقوى المنبثة فيها هي المبادئ القريبة للحركات.
(٢) راجع شرح الاشارات ٢ : ٢٧٥ ـ ٢٧٨ ؛ المباحث المشرقية ١ : ٥٠٧ ـ ٥٠٩.