وأمّا الرابع فباطل أيضا ؛ لأنّ ذلك المباين إن كان جسما أو جسمانيا عاد البحث فيه. وإن كان مفارقا مجردا عن المادة وعلائقها كانت نسبته إلى جميع الأجسام بالسويّة ، فحصول أثره في بعضها دون البعض إن كان بسبب أمر حصل لذلك الجسم واختص به لأجله استحق قبول ذلك الأثر من المفارق ، فهو المطلوب. وإن كان لا بسبب لزم ترجح أحد طرفي الممكن على الآخر لا لمرجح ، وهو محال.
والاعتراض : لم لا يستند إلى الفاعل المختار؟ بل هو الحق في ذلك ؛ فإنّ اختلاف الأجسام في الأعراض لو كان لاختلاف الصور لكان اختلاف الصور مستندا إلى سبب آخر ، لأنّ الأجسام كما اختلفت في الأعراض فهي أيضا مختلفة في هذه الصور التي هي مبادئ تلك الأعراض فاختصاصها بتلك الصورة لو كان لأجل صورة أخرى ، فإن وجبت المساوقة (١) لزم حصول علل ومعلولات غير متناهية دفعة ، وهو محال. وإن تساوقت اندفعت الحجة التي ذكرتموها ، فإنّه لو جاز اسناد كل صورة حاصلة في الحال إلى صورة سابقة عليها جاز اسناد العرض الحاصل في الحال إلى عرض سابق عليه ، وحينئذ لا يحتاج إلى اثبات الصور.
لا يقال : كل صورة حادثة فإنّها مسبوقة باستعداد سابق عليها ، وذلك الاستعداد تخصيص كل صورة استعدت بالحصول دون غيرها.
لأنّا نقول : كما أنّ الاستعداد ثابت للصور عندكم ، كذا هو ثابت للأعراض ، بل لكل حادث عندكم على الإطلاق ، فإذا كان كافيا في الصور ، فلم لا يكفي في الأعراض؟
قيل : السبب في اختصاص المادة بصورة معينة هي الصورة السابقة. ولا يمكن أن يكون السبب لوجود العرض الحاصل العرض المتقدم ، لوجهين :
__________________
(١) في المباحث المشرقية : «مسابقة».