البحث الرابع
في أنّ المؤلم هو سوء المزاج المختلف (١)
اعلم أنّ المزاج إذا كان على ما ينبغي في الكم والكيف بالنسبة إلى نوع ذلك الشخص فهو المعتدل بالنسبة إليه وإن كان خارجا عن الاعتدال الحقيقي بالنسبة إلى غيره ، فإذا انحرف وخرج عن حدّ الاعتدال بالنسبة إلى ذلك الشخص في بعض الكيفيات فصار بحيث لا ينبغي لذلك الشخص أن يكون على تلك الكيفية فقد بطل عنه ما ينبغي له ، وكان ذلك هو سوء المزاج.
ثمّ إنّ سوء المزاج إن استقر في العضو وأبطل الطبيعة الخاصة بذلك العضو ، سمي سوء المزاج المتفق (٢) ، وإن لم يكن كذلك سمي سوء المزاج المختلف (٣). والمؤلم إنّما هو الثاني دون الأوّل.
واحتج عليه الرئيس بحجّة ومثالين (٤) :
أمّا الحجّة : «فلأنّ المنافاة إنّما تتحقق بين شيئين ، فإذا كان للعضو كيفية
__________________
(١) راجع القانون ١ : ١٤٤ ـ ١٤٥ ؛ المباحث المشرقية ١ : ٥٢٠ ـ ٥٢١ ؛ شرح المواقف ٦ : ١٤٢ ـ ١٤٤.
(٢) ويسمى بالمستوي أيضا لمشابهته بالمزاج الأصلي في عدم الإيلام ، واستقراره فيه بحيث يصير كأنّه المزاج الطبيعي. راجع شرح المقاصد ٢ : ٣٧٠ ـ ٣٧١.
(٣) راجع الفصل الثالث من المقالة الثانية من الفن السادس من طبيعيات الشفاء.
(٤) راجع نفس المصدر ؛ القانون ١ : ١٤٥. مع تصرفات العلّامة في النقل.