وتركيبه بحيث تصدر عنه الأفعال كلّها صحيحة سليمة» ، فعليه شكوك :
الأوّل : جعل الصحّة علّة لكون البدن بحيث تصدر عنه الأفعال ، وهذا إنّما يتناول القوى لا الصحّة بمعنى الاعتدال التي يقابلها المرض ، وهو متوجه على الرسم الأوّل.
الثاني : الصحّة قد توجد في سائر الحيوانات بل وفي النبات ، فتقييده ببدن الإنسان(١) باطل.
الثالث : ذكر فيه المزاج والتركيب ولم يذكر الاتصال ، فإن اعتذر باندراجه تحت التركيب ، قلنا : الامتزاج أيضا مندرج تحت التركيب. بل الفرق أنّ أجزاء العناصر حصل فيها التركيب مع الاستحالة حتى تكونت عنها الأعضاء البسيطة ، والأعضاء البسيطة حصل فيها التركيب ولم تحصل فيها الاستحالة ، وإذا كان الامتزاج قسما من أقسام التركيب لم يجز جعله قسيما.
فالحاصل أنّ ذكر المزاج زائد ، أو حذف الاتصال ناقص. فالأولى في تحديد الصحة قول القدماء : انّه الذي يكون معه البدن الحيواني في تركيبه بحيث تصدر عنها الأفعال كلّها سليمة. وقلنا «معه» لا «به» ، لتناول الصحّة بمعنى الاعتدال. وأمّا الاتصال والمزاج فداخلان في التركيب.
المسألة الرابعة : في تقابل الصحة والمرض (٢)
ذكر في القانون : «أنّ المرض هيئة مضادة للصحّة» (٣) ، وذكر مثله في
__________________
(١) ق : «لبدن الإنسان» ، ج : «البدن بالإنسان» ، وأصلحناها طبقا للسياق.
(٢) راجع المباحث المشرقية ١ : ٥٢٨ ؛ شرح حكمة العين : ٣٢٧ ؛ شرح المواقف ٦ : ١٤٩ ؛ شرح المقاصد ٢ : ٣٧٧.
(٣) القانون ١ : ١٠٢.