قاطيغورياس الشفاء (١) ، وفيه أيضا (٢) «أنّ المرض من حيث هو مرض بالحقيقة عرض ، لست أعني من حيث هو مزاج أو ألم» وهذا مشعر بأنّه جعل ذلك التقابل تقابل العدم والملكة ، ولا مناقضة بين الكلامين ؛ لأنّ الصحّة عند الشيخ الأمر الذي لأجله يصدر الفعل السليم عن موضوعه ، فذلك الأمر ثبوتي قطعا. فأمّا وقت المرض فهناك أمران :
الأوّل : عدم ذلك الأمر الذي كان مبدأ للأفعال السليمة.
الثاني : حصول المبدأ للأفعال الغير الملائمة.
فإن جعل الأوّل مرضا كان التقابل بينه وبين الصحّة تقابل العدم والملكة. وإن جعل الثاني مرضا كان التقابل بينهما تقابل التضاد.
المسألة الخامسة : في أنّ بين الصحّة والمرض واسطة أم لا (٣)؟
قال الشيخ : «سبب ظن من (٤) أثبت بين الصحّة والمرض وسطا ـ هو لا صحّة ولا مرض ـ نسيانه لشرائط ما ينبغي أن تراعى في حال ما له وسط وما لا وسط له. وتلك الشرائط أن يفرض الموضوع واحدا بعينه وأن يكون الجزء واحدا بعينه والجهة والاعتبار واحدا بعينهما ؛ فإذا كان كذلك وجاز خلو الموضوع عن الأمرين كان هناك واسطة ، فإن فرض إنسان واحد واعتبر منه عضو واحد أو أعضاء معينة في زمان واحد وجاز أن لا يكون معتدل المزاج سوى التركيب بحيث
__________________
(١) في الفصل الثاني من المقالة السابعة.
(٢) في آخر الفصل الثالث من المقالة السابعة.
(٣) راجع المباحث المشرقية ١ : ٥٢٩ ؛ شرح حكمة العين : ٣٢٨ ؛ شرح المواقف ٦ : ١٥٠ ؛ شرح المقاصد ٢ : ٣٧٩ ؛ الأسفار ٤ : ١٤٨.
(٤) وهو جالينوس ، كما في القانون ١ : ١٠٢.