البحث الرابع
في أسباب سائر العوارض (١)
جميع العوارض النفسانية تصحبها حركات الروح إمّا إلى خارج ، أو إلى داخل ، إمّا دفعة ، وإمّا قليلا قليلا. فالحركة إلى خارج إن كانت دفعة فهي كما في الغضب. وإن كانت يسيرا يسيرا فهي كما في اللذة والفرح المعتدل. والحركة إلى داخل إمّا دفعة كما عند الفزع ، وإمّا قليلاً قليلاً كما عند الحزن.
وقد يتّفق أن تتحرك إلى جهتين في وقت واحد إذا كان العارض يلزمه عارضان ، مثل: الهمّ ، فإنّه يعرض معه غضب وحزن ، فتختلف الحركات (٢) فيه. ومثل : الخجل ، فانّ الروح فيه تنقبض أولاً إلى الباطن ثمّ يعود العقل فينبسط ويحصل بباله أنّه ليس فيه كثير مضرة ، فينبسط المنقبض ثانيا فيثور إلى خارج ويحمر اللون.
ومن الناس من يجعل هذه العوارض النفسانية نفس هذه الانفعالات ، فيقول : الغضب هو غليان دم القلب ، والغم انحصار القلب وانقباض الروح الذي فيه ، والسرور انبساط القلب والدم ، وهذا باطل. فإنّ الغضب كيفية نفسانية
__________________
(١) راجع المباحث المشرقية ١ : ٥٣٤ ؛ كشف المراد : ٢٥٥.
(٢) في المباحث وكشف المراد : «الحركتان».