البحث السادس
في الحقد (١)
يعتبر في تحقّق الحقد أُمور ثلاثة :
الأوّل : غضب ثابت ، لأنّه لو كان سريع الزوال لم تتقرر صورة المؤذي في الخيال فلا تشتاق النفس إلى الانتقام ولا تنجذب إلى طلبه.
الثاني : أن لا يكون الانتقام في غاية السهولة ، لأنّه إذا كان سهلا اشتغلت النفس بحركة الانتقام ، واشتغال النفس بالقوة المحركة يمنعها من الاشتغال باستحفاظ صورة المؤذي في الخيال والذكر ؛ لأنّ اشتغال النفس بجهة يمنعها من الاشتغال بجهة أُخرى.
وأيضا الشوق إلى الانتقام إذا اشتد ولم يكسر منه خوف بلغ في تأكده وسهولة حصوله [إلى] أن صار عند الخيال كالحاصل ، والحاصل لا يطلب ولا يبقى الشوق ، ولهذا سقط الشوق إلى الانتقام من الضعفاء لما كان سهلا.
ويدل على أنّ حال الخيال في الرغبة والرهبة مبني على المحاكيات لا على
__________________
(١) راجع المباحث المشرقية ١ : ٥٣٥ ـ ٥٣٦ ؛ كشف المراد : ٢٥٥. قال الجرجاني : «الحقد : هو طلب الانتقام ، وتحقيقه : أنّ الغضب إذا لزم كظمه لعجز عن التشفي في الحال رجع إلى الباطن واحتقن فيه فصار حقدا.» التعريفات : ١٢١.