يختص أحدهما بشيء من العوارض دون صاحبه ، إذ ليس ثبوت العارض لأحد السطحين أولى من ثبوته لصاحبه بعد تساويهما في القبول وجهات الاختصاص. ولأنّه لو ثبتت الأولوية ثبت الامتياز سابقا على ما به الامتياز ، هذا خلف.
فإذن ليس بين السطحين المتحدين في الوضع امتياز أصلا ، فلا يكون هناك تعدد البتة ، فالسطحان واحد مشترك بين الجسمين. فالمتماسان ليس لهما طرفان ، بل طرف واحد فليسا بمتماسين ، بل متصلين. واستحال أيضا أنّ المتماسين هما اللّذان طرفاهما معا. وكذا الإشكال في تماس السطحين بالخطين وفي تماس الخطين بنقطتين.
وأيضا التماس كما يصدق في المقادير يصدق في النقط أيضا ، فإنّه يصدق أنّ النقطتين متماستان مع أنّه لا نهاية لها فلا يصدق عليها أنّ نهاياتها مجتمعة ؛ لأنّها نهايات لا ذوات نهايات ، فالتماس ليس هو اجتماع النهايات.
أجيب عن الأوّل (١) : بأنّ أحد الحدين يلاقي الآخر بالكلّية عند التماس ولا يرتفع التمايز ، بل هو ثابت بالعوارض لا بالماهية واللوازم ، فإنّه يصدق ـ حالة التماس في أحد السطحين ـ أنّه نهاية جسم من الجسمين دون الجسم الآخر ، ويصدق في السطح الآخر أنّه نهاية للجسم الآخر دون الأوّل ، وهذا الوصف قد كان حاصلا لهما قبل التماس فيبقى بعده ويحصل الامتياز به.
وفيه نظر ، فإنّهما قبل التماس متمايزان بهذا الاعتبار لا غير ، لا بالماهية ولوازمها ، لاستحالة التكثر بهما ، ولا بغير هذا الوصف ، لفرضنا خلوهما عن جميع الأوصاف سواه ، فعند التماس وحصول الوحدة إن بقى ذلك الوصف فلا وحدة حينئذ ، وإن عدم لزم المحذور.
__________________
(١) المجيب هو الرازي في المباحث ١ : ٥٦٩.