الثامن : التام (١) هو : الذي يحصل له جميع ما ينبغي أن يكون له وهو الكامل أيضا. ثمّ إنّه يقال على أمور كثيرة :
الأوّل : يقال تام للعدد إذا كان جميع ما ينبغي أن يكون حاصلا للشيء من العدد قد حصل ، فلا يقول الجمهور لما هو أقل من الثلاثة أنّه تام ؛ لاجتماع المبدأ والوسط والمنتهى فيها ؛ والأصل فيه أنّه لا شيء من الأعداد يمكن أن يكون تاما في عدديّته ؛ فإنّ كل عدد يوجد من آحاده ما ليس فيه ، بل إنّما يكون تاما في العشرية والتسعية مثلا ، وأمّا من حيث هو مبدأ ومنتهى فإنّه يكون ناقصا من حيث إنّه ليس بينهما ما من شأنه أن يكون بينهما وهو الوسط ، وكذا إذا وجد الواسطة مع أحد الطرفين خاصة ، ولا يمكن أن يكون مبدءان في العدد ليس أحدهما وسطا يوجد (٢) إلّا بعددين (٣) ، وكذا المنتهى.
__________________
(١) عرفه ابن سينا بقوله : «التام هو الذي يوجد له جميع ما من شأنه أن يوجد له والذي ليس شيء ممّا يمكن أن يوجد له ليس له وذلك إمّا في كمال الوجود وإمّا في القوة الفعلية وإمّا في القوة الانفعالية وإمّا في الكمية. والناقص مقابله» إلهيات النجاة : ٢٢١ ـ ٢٢٢.
وعقد فصلا «في التام والناقص» في إلهيات الشفاء الفصل الثالث من المقالة الرابعة : ٣٨٩. وعبارات الرازي في المباحث ١ : ٥٧٣ والمصنف في هذا الكتاب مأخوذة منه ، فراجع.
وفي المعجم الفلسفي : «التام :) Complet (ما استكمل مقوماته. وعند «ليبنتز» المعنى التام هو الذي يصور تماما وبدقة موضوعه الخاص» : ٣٧.
فعلى هذا التعريف من التام لا يصحّ التمسك بقوله تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) (١٩٦ / البقرة) للحكم بوجوب الإتيان ببقية اعمال الحجّ والعمرة إذا فسدا ، كما ذهب إليه كثير من الفقهاء ، فلا يجب انهاؤهما إلى آخر الأعمال في صورة الفساد ؛ لأنّ كلمة (أَتِمُّوا) ليست بمعنى انتهوا ، بل بمعنى الإتيان بجميع الشرائط والمقومات. وبهذا التفسير وردت الروايات عن الأئمة الأطهار عليهمالسلام ، مثل ما رواه عمر بن أذينة قال : كتبت إلى أبي عبد الله عليهالسلام بمسائل ... وسألته عن قول الله عزوجل : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) قال : يعني بتمامها أدائها واتقاء ما يتقي المحرم فيهما ... الحديث ، الكافي ٤ : ٢٦٤ ؛ ومثله ما رواه زرارة عنه عليهالسلام في تفسير هذه الآية في تفسير العياشي.
(٢) كذا ، وفي الشفاء : «بوجه».
(٣) في الشفاء : «لعددين».