البحث الثالث (١)
إنّه قد يعرض فيهما اشتداد وتنقص ، لا من جهة القرب إلى الطرف الذي هو السواد، فإنّ القريب من ذلك ، وهو [حدّ] (٢) مبلوغ إليه من ذلك السواد ، بل (٣) بالقياس إلى الاسوداد الذي هو سكون (٤) في السواد. وفرق بين الاسوداد ، أعني الحاصل القار ، وبين السواد ، فإنّ الاسوداد يعقل على أنّه غاية حركة ، وأمّا السواد فلا يحتاج في تعقله سوادا إلى تعقل حركة إليه ؛ فإنّ من الاسوداد الذي هو السلوك ما هو أقرب إلى الاسوداد الذي هو غاية السلوك من اسوداد آخر. وكذلك قد يكون بعضه أسرع وصولا إلى الغاية من بعض. وهذا الاشتداد والتنقص ليس بالقياس إلى السواد ، بل إلى الاسوداد الذي هو عبارة عن الحركة إلى السواد ، ولا شكّ في أنّ السلوك إلى السواد غير السواد.
__________________
(١) راجع نفس المصدر من ابن سينا : ٢٣٧ ؛ منطق أرسطو : ٦٢ ؛ المباحث المشرقية ١ : ٥٨٣ ؛ شرح المقاصد ٢ : ٤٧٢.
(٢) ما بين المعقوفين من الشفاء.
(٣) في النسخ : «قيل» ، وما أثبتناه من الشفاء.
(٤) ق : «سيكون».