قد ذكرنا فيما سلف (١) : أنّه لا دليل على ذلك سوى الاستقراء الذي ليس بتام ، مع أنّ الشيخ تكلف كلاما طويلا رام به الدلالة عليه.
فقال : «إنّا بيّنا انحصار الممكنات في الجواهر والأعراض ، فإذا بينا انحصار الأعراض في التسعة حصل المطلوب. والذي يدل عليه أنّ العرض إمّا أن يحتاج
__________________
ـ الأمر الثاني :
قيل : «يتفق فلاسفة الإسلام جميعا مع ابن سينا في الأخذ بهذا العدد والدفاع عنه ... وابن سينا في إخلاصه لأرسطو يرعى هذه القداسة ويدافع عنها» ، نفس المصدر للدكتور إبراهيم المذكور.
أقول : هذه النسبة إلى جميع فلاسفة الإسلام أيضا غير صحيحة ، فلنذكر نماذج من مخالفتهم لحصر المقولات في عشر :
١. يذكر ابن سينا هذا العدد في بعض المواضع من الشفاء مماشاة وعلى سبيل التقريب وقد صرّح برأيه النهائي في موضع منه وقال : «وأمّا نحن فلا نتشدّد كلّ التشدّد في حفظ القانون المشهور من أنّ الأجناس عشرة الخ» ، الفصل الثاني من المقالة الثانية من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء : ٤٢. والتكلّف الذي نقله المصنف عن الشيخ لاثبات عدد العشر للمقولات ، قد اعترف الشيخ برداءته وضعفه ، حيث قال : «فهذا ضرب من التقريب متكلّف لا أضمن صحته» ، الفصل الخامس من المقالة الثانية من مقولات منطق الشفاء ١ : ٨٦.
٢. يعتقد الغزالي انّ هذا العدد مزعوم المنطقيين حيث قال : «والأجناس العالية التي هي أعلى الأجناس زعم المنطقيون انّها عشرة» ، معيار العلم في المنطق : ٧٧.
٣. ومنهم من جعلها أربعا ووافقهم عمر بن سهلان الساوجي صاحب البصائر. على ذلك راجع المطارحات : ٢٧٨.
٤. وجعلها شيخ الاشراق خمسة وقال : «... فانحصرت الأمّهات من المقولات في خمسة» التلويحات : ١١.
٥. وأنهاها ميرداماد إلى مقولتين هما الجوهر والعرض ، القبسات : ٤٠.
٦. قال المصنف : «وبالجملة فالحصر لم يقم عليه برهان» ، كشف المراد : ٢٠٢.
(١) في المجلد الأوّل ، ص ٣١٧.