وأيضا الزمان عند المتكلّمين ليس أمرا حقيقيا ، بل هو راجع إلى النسب المعقولة.
وأمّا الوضع ، فإن عني به ما لكل واحد من أجزاء الجسم من الأين ومماسّة الغير ، فلا نزاع في ثبوته ؛ لكنّهم لم يقصدوا به ذلك. وإن عنى به أمر وراء ذلك قائم بمجموع الأجزاء ، فهو محال ؛ لأنّ تلك الهيئة إمّا أن تكون واحدة في نفسها فيلزم من قيامها بالجسم ذي الأجزاء الكثيرة قيام العرض الواحد بالمحال الكثيرة. ولانّه يلزم اتصاف كلّ واحد من أجزاء الجسم بهيئة كله ، هذا خلف. أو لا تكون كذلك ، بل تنقسم إلى أقسام يقوم بكل واحد من أجزاء الجسم كلّ واحد من أجزائها ، فعند اجتماع تلك الأجزاء في ذات تلك الأمور إمّا أن تحصل للمجموع هيئة وراء ما لكلّ واحد من الأجزاء ، فحينئذ يعود المحال ، أو لا تحصل وذلك يقتضي نفي كون الوضع أمرا وجوديا.
لا يقال : لم لا يجوز أن يقال : إنّه عرضت لتلك الأجزاء وحدة باعتبارها صارت واحدة ، وحينئذ لا يلزم من قيام هيئة الوضع بها قيام الواحد بأكثر من الواحد؟
لأنّا نقول : الاشكال في كيفية قيام تلك الوحدة بها كالاشكال في قيام هيئة الوضع بها ؛ فإن كان ذلك بسبب وحدة أخرى سابقة ، لزم التسلسل.
قال أفضل المحقّقين : «الهيئة المسماة بالوضع إنّما تحصل في الأجزاء بعد صيرورتها جملة واحدة ، وكذلك الزاوية والشكل ، وليس ذلك حلول للعرض (١) الواحد في محالّ كثيرة ، إنّما هو حلول عرض واحد في محل واحد ينقسم باعتبار غير اعتبار وحدته ، ولم يدل على استحالة ذلك دليل.
وأمّا الوحدة ، فهي التي تجعل المجموع واحدا ، إذا (٢) اعتبر فيه عدم
__________________
(١) في المصدر : «العرض».
(٢) في المصدر : «وإذا».